تواصل «لها» طرح كل التساؤلات التي تتعلق بحياتنا وسلوكياتنا وعلاقاتنا خلال الشهر الكريم، وفي هذا العدد نضع التساؤلات أمام فضيلة مفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة الذي يتحدث عن الخلافات حول بداية الصوم ونهايته، وهل إعلان نية الصيام مرة واحدة قبل الشهر الكريم تكفي، أم يجب تكرارها كل يوم، كما يتحدث عن أحكام الشرع في موائد الرحمن، والخيام الرمضانية، وصيام المسافر، واستخدام معجون الأسنان، وقطرات العين والعدسات اللاصقة، وغيرها من التفاصيل التي تأتي الفتاوى فيها من أجل صوم صحيح.
- يحدث أحياناً اختلاف حول بداية الصوم ليس في بلاد الإسلام فقط بل في البلاد غير الإسلامية، التي قد يطول فيها النهار أو يقصر بشكل كبير، فما هو الحل؟
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته فإن غُمّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً». وكأنه يقول للمسلمين: إذا كنتم تستطلعون الهلال في بلدكم فعليكم الالتزام بما تسفر عنه الرؤية، ولا يجوز لكم التحوّل عن رؤية الهلال في بلدكم إلى بلد آخر إذا رأيتم هلال رمضان. أما إذا كنتم لا تستطلعون هلال رمضان في بلدكم فعليكم الالتزام برؤية أقرب بلد سواء كانت السعودية أوغيرها من البلاد الإسلامية.
- يختلف المسلمون أيضاً في رؤية هلال شوال ونهاية الصيام، فكيف ننهي هذا الاختلاف؟
يجب على كل المسلمين في أنحاء العالم أن يكون آخر يوم صيام لهم من رمضان متى تحقق أحد الأمور الثلاثة. الأول: إذا رأوا هلال شهر شوال لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «صوموا وافطروا لرؤيته»، ثانياً: بإكمال شهر رمضان ثلاثين يوماً إذا لم يتحقق رؤية الهلال في يوم التاسع والعشرين من رمضان. ثالثاً: إذا قطع علماء الفلك الموثوق بعلمهم بأن هلال شوال سيولد يوم 29 من رمضان ويمكث فوق الأفق بعد غروب شمس هذا اليوم مدة يمكن رؤيته فيها، أما إذا كانت هناك عوامل طبيعية حالت دون رؤيته، فإنه في هذه الحالة يعمل بقول أهل الحساب ويثبت دخول شهر شوال بناء على قولهم. ولا داعي أبداً أن تكون هذه المسألة مثار خلاف ونزاع بين المسلمين حرصاً على وحدة كلمتهم، وجمع صفهم، وعدم الشقاق في ما بينهم امتثالاً لقوله تعالى: «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم» (آية 46 سورة الأنفال).
الاختلاف حول النية
- قبيل بدء شهر الصوم تحدث بلبلة شديدة بين الصائمين بسبب الاختلاف حول النية وهل واحدة تكفي لصيام الشهر أم يجب تكرارها يومياً؟
يجب الاهتمام بموضوع النية لأن لها أهمية كبيرة في الاسلام، بل إنها تحدد هدف الإنسان وثوابه في كثير من الأمور لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى....»، ويرى بعض الفقهاء أن النية محلها القلب ولا يشترط فيها النطق باللسان، ويرى آخرون أن النية واجبة التجديد ولابد من تبيتها ليلاً قبل الفجر. من هنا نقول: إذا استطاع الإنسان أن يعقد النية كل ليلة، فهذا هو الأصل والأفضل، وإذا خاف أن ينسى أو يسهو فلينوي في أول ليلة من رمضان أنه سوف يصوم بمشيئة الله تعالى شهر رمضان الحاضر لوجه الله، ولم يشترط الأحناف النية في الصيام لكونه صيام فرض، فما دام قد أدى الصيام بامتناعه عن الطعام والشرب فيكون صومه صحيحاً.
مدفع الإمساك
- تحدث انقسامات داخل الأسر أحياناً حول بداية الصيام، هل يكون من مدفع الإمساك أم من أذان الفجر، فماذا تقول لهم؟
مدفع الإمساك هو مجرد تنبيه لدخول الوقت، وبالتالي فإنه يباح لمن نوى الصيام أن يأكل ويشرب ويعمل كل عمل يعمله المفطر من بعد غروب الشمس إلى أن يطلع الفجر، حينئذ يجب الامتناع عن كل المفطرات.
موائد الرحمن
- يرى بعض العلماء أن موائد الرحمن بدعة، وبالتالي فإن فاعلها آثم شرعاً، فهل هذا الكلام صحيح؟
موائد الرحمن ليست بدعة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء»، وقال أيضاً: «من فطّر فيه - أي في رمضان - صائماً كان مغفرة لذنوبه وعتقاً لرقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء».
- هل يرتبط الثواب بجودة الطعام وثمنه؟
كل على حسب مقدرته وخير الناس من جاد بما عنده، ويحصل على الثواب كل من فطّر صائماً بغض النظر عن جودة الطعام وثمنه لقوله صلى الله عليه وسلم لصحابته عندما سألوه: «ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم»، فقال: «يُعطي الله هذا الثواب من فطّر صائماً على تمرة أو على شربة ماء أو مذقة لبن»، المهم أن يُخلص من يعد موائد الرحمن النية لله وأن يكون قصده رضا الله لا رياء ولا سمعة حتى يكون عمله مقبولاً.