بيني وصاحبي مخاصمة فهل ترفع أعمالنا؟
السؤال:
بيني وصاحبي مخاصمة لا نتكلم ولكن بيننا سلام فقط، فهل تعتبر مخاصمة؟ وأنا ليس في قلبي شيء عليه ولكن هو لا يريد أن يتكلم معي فما حكم هذا؟ وهل معنى هذا ألا ترفع أعمالنا؟
الإجابة:
في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا" إن الحرمان من هذا الخير لهو الحرمان. وعجيب من المسلم أن يقدم هواه على رضا ربه. فالله يريد من العبد أن يحب المؤمنين وأن لا تكون بينه وبين أحد من المسلمين شحناء وإن وقعت فالله أمره بالعفو والمغفرة وإن فعل ذلك وعده بالأجر العظيم. لكن العجب من هذا العبد الذي يعرض عن أوامر ربه ويطيع الشيطان فيحرم نفسه خيرا كثيرا.
واعلم أخي الكريم أنه إذا وقعت الشحناء من شخصين تحجب عنهما المغفرة حتى يصطلحا، وإن سعى أحدهما بالصلح ورفضه الآخر فالرافض هو من تحجب عنه المغفرة بسبب رفضه وعدم طاعته لمولاه.
وعليك أخي أن تسعى جاهدا في الإصلاح وأن تستعين بعد الله عز وجل بأهل الخير. ونوصيك أخي الكريم أن تتحلى بحسن الخلق فعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال: "البر حسن الخلق، والإثم: ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس"(رواه مسلم).
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ما من شيءٍ أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذي"(رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح).
البذي: هو الذي يتكلم بالفحش ورديء الكلام.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال:" تقوى الله وحسن الخلق" وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار، فقال: "الفم والفرج". (رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح).
وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم".( رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح).
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم" (رواه أبو داود).
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا زعيمٌ ببيتٍ في ربض الجنة لمن ترك المراء، وإن كان محقاً، وببيتٍ في وسط الجنة لمن ترك الكذب، وإن كان مازحاً، وببيتٍ في أعلى الجنة لمن حسن خلقه" (حديث صحيح، رواه أبو داود بإسناد صحيح).
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن من أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقاً. وإن أبغضكم إلي، وأبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون، فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون"( رواه الترمذي وقال: حديث حسن).
ونقول لك عليك بكثرة التوبة والاستغفار فما حدث لك فهو بسبب ذنب اقترفته. فتب إلى الله تعالى وأكثر من الصدقة والبر. قال أحد السلف: "إني لا أجد شؤم المعصية في دابتي وخلق زوجتي". وقال الله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41]، وقال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [الشورى: 30]
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ولك وأن يعفو عنا وعنك. آمين.