تعقيب على موضوع فوائد السمك وعرض لآخر الدراسات
كنا قد كتبنا في هذا الباب حول فوائد السمك وما يحتويه كغذاء من عناصر مهمة للجسم كالكالسيوم والصوديوم وغيرها؛ ثم عرجنا في آخر المقال على أقوال الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الكرام في تناول السمك وبينما كانت الدراسات الطبية والبحوث العلمية تحث على تناوله وتنفي المخاطر التي قد تنجم من جراء ذلك حتى مع الإفراط وجدنا الأحاديث توصي بعدم الإفراط في تناوله وذهب بعضها إلى أنه يذيب شحمة العين أو يذيب اللحم أو يذبل الجسد أو يكثر البلغم إلى غير ذلك.
وقد يصير المرء في حيرة من الأمر إذ يبدو ثمة تناقض بين ما أثبتته الدراسات الطبية وما قاله الطب النبوي كما هو واضح في المقال السابق عن السمك وإن كان إيرادنا لبعض التوصيات التي ذكرها الأطباء بشأن تناوله، مما يدفع احتمال اللبس على القارئ الكريم ويفك التناقض الظاهر في الأمر.
إلا أننا نعود هنا لنحيط القارئ علماً بآخر البحوث الطبية المتعلقة بهذا الموضوع وأحدثها على الإطلاق متوخين الموضوعية في الطرح.
فقد توصل علماء بالجامعة الصينية في هونغ كونغ إلى أن الإفراط في تناول الأطعمة البحرية وفي صدارتها السمك يزيد من خطر الإصابة بالعقم عند الرجال والنساء وذلك بسبب ارتفاع نسبة مادة الزئبق في الدم.
وقالت الدكتور كريستين شوي في بحثها المنشور في دورية أمراض النساء والولادة (الأطعمة البحرية الملوثة بالزئبق تعتبر مصدراً محتملاً للتعرض الزائد للزئبق لدى من يعانون العقم).
أضافت شوي وزملاؤها بعد مقارنتهم مستويات الزئبق لدى 157 من الأزواج العاقرين و26 من الأصحاء أن تلوث مياه البحر بالمياه الثقلية أمر شائع في هونغ كونغ وظهر أن 35% من الرجال و 23% من النساء من مجموع العاقرين ارتفعت لديهم وبشكل غير عادي مستويات تركيز الزئبق في الدم، ويصيب العقم زوجين تقريباً بين كل ستة أزواج وترجع 40% من حالات عدم القدرة على الإنجاب إلى الرجال و40% أخرى إلى مشكلات تعاني منها النساء.
نلفت انتباه القارئ الكريم بمناسبة هذا الموضع إلى أن العلم وإن كان يرتكز على الملاحظة الدقيقة والإحصاء وأشياء أخرى محسوسة فضلاً عن التجربة والاستقراء، من المحتمل جداً أن يخطئ في النتيجة ويستفيد من أخطائه ليتجاوزها وهكذا يتم له التطور، فالنظرية قد تبطل النظرية وليس للعلم حدود ويبقى فوق كل ذي علم عليم وتلك هي سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً فلا يتسرع المرء بحكمه على الأشياء ولا يتعجل بالحكم على ما ينافي نظرية علمية ما من نصوص وإشارات وردت من طريق الدين بالتحريف أو التزوير ولا يسوغ الاستهانة بالمأثور عن قادتنا الهداة الميامين (عليهم السلام)، بمجرد أن تتعارض مع بعض النتائج التي يتوصل إليها العلم الحديث.
هذا من جانب ومن جانب آخر إن هذا الموضوع إذا ما نظرنا إليه بجدية يعطينا دليلاً وبرهاناً على خطأ تفسير الدين بالعلم لتنامي احتمال وقوع الخطأ في النظريات العلمية وتحولها من جهة وثبات النصوص الدينية في خطوطها العريضة من جهة أخرى.
وأداءً للأمانة العلمية والمسؤولية التي نستشعرها لابد من الإشارة إلى أن المراد من الأسماك هنا هي الأسماك البحرية التي تتغذى على الملوثات ولا يشمل ذلك الأسماك النهرية أبداً.