الربيع بن خثيم ..قانت مخبت ربانى
الربيع بن خثيم بن عائذ بن عبد الله بن موهبة بن منقد بن نصر بن الحكم بن الحارث بن مالك بن ملكان بن ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الثورى ، أبو يزيد الكوفى . اهـ .
روى له : البخاري - مسلم - أبو داود في القدر - الترمذي - النسائي - ابن ماجه
وهو قليل الرواية، إلا أنه كبير الشأن. حدث عنه: الشعبي، وإبراهيم النخعي، وهلال بن يساف، ومنذر الثوري، وهبيرة بن خزيمة، وآخرون. كان يعد من عقلاء الرجال.
قال ابن حجر رحمه الله : ثقة عابد
وقال الذهبي : حجة ورع قانت مخبت ربانى
قال سفيان الثوري: عن العلاء بن المسيب، عن أبي يعلى الثوري، قال: كان في بني ثور ثلاثون رجلا، ما منهم رجل دون الربيع بن خثيم.
وقال ابن سيرين: ما رأيت قوما سود الرؤوس أفقه من أهل الكوفة من قوم فيهم جرة (أي : جرأة وشجاعة ).
كان الربيع إذا أتاه الرجل يسأله قال : اتق الله فيما علمت ، و ما استوثر عليك فكله إلى عالمه ، لأنا عليكم فى العمد أخوف منى عليكم فى الخطأ ، و ما خيرتكم اليوم بخير ، و لكنه خير من آخر شر منه ، و ما تتبعون الخير حق اتباعه ، و لا تفرون من الشر حق فراره
و لا كل ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم أدركتم ، و لا كل ما تقرءون تدرون ما هو ، ثم يقول : السرائر السرائر اللاتى يخفين من الناس و هن لله بواد التمسوا دواءهن ثم يقول : و ما دواؤهن إلا أن تتوب ثم لا تعود . (1)
كان ابن مسعود إذا رأه قال : ( و بشر المخبتين ) ، أما إن محمد صلى الله عليه وسلم لو رأك لأحبك . فهذه منقبة عظيمة للربيع
و قيل له : كيف أصبحت ؟ قال : أصبحنا ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا و ننتظر آجالنا .
و كان الربيع يقول : أما بعد فأعد زادك ، و خذ فى جهازك ، و كن وصى نفسك .
وعنه -رحمه الله - ، قال : أقلوا الكلام إلا بتسع : تسبيح ، و تكبير ، و تهليل ، و تحميد ، و سؤالك الخير ، و تعوذك من الشر ، و أمرك بالمعروف ، و نهيك عن المنكر ، و قراءة القرآن .
وقال : ما غائب ينتظره المؤمن خير من الموت .
وعن بعضهم، قال: صحبت الربيع عشرين عاما ما سمعت منه كلمة تعاب (2)
قال يحيى بن معين : لا يسأل عن مثله . وعن الشعبى : كان من معادن الصدق(3)
و قال سفيان الثورى ، عن أبيه : قيل لأبى وائل : أيما أكبر أنت أو الربيع بن خثيم ؟ قال : أنا أكبر منه سنا ، و هو أكبر منى عقلا .
و قال عبد الله بن الربيع بن خثيم ، عن أبى عبيدة بن عبد الله بن مسعود : كان الربيع بن خثيم إذا دخل على عبد الله بن مسعود لم يكن عليه إذن لأحد حتى يفرغ كل واحد من صاحبه .
قال : و قال عبد الله : يا أبا يزيد لو رأك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبك و ما رأيتك إلا ذكرت المخبتين .
و قال الربيع بن منذر الثورى ، عن أبيه ، عن الربيع بن خثيم : كل ما لا يبتغى وجه الله يضمحل .
و قال مالك بن مغول : قال الشعبى : أصفهم لك ، كأنك شهدتهم ، يعنى أصحاب عبد الله : كان الربيع بن خثيم أشدهم ورعا .
أخبرنا بذلك أحمد بن أبى الخير ، قال : أنبأنا القاضى أبو المكارم اللبان ، قال : أخبرنا أبو على الحداد ، قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، قال : حدثنا أبو حامد بن جبلة ، قال : حدثنا أبو العباس السراج ، قال : حدثنا هناد بن السرى قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سعيد ، فذكره .
و به ، قال : أخبرنا أبو نعيم ، قال : حدثنا أبى ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد ابن الحسن ، قال : حدثنا أبو حميد أحمد بن محمد الحمصى ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، قال : حدثنا يزيد بن عطاء ، عن علقمة بن مرثد ، قال : انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين ، فأما الربيع فقيل له حين أصابه الفالج : لو تداويت ؟ فقال : لقد علمت أن الدواء حق ، و لكن ذكرت عادا و ثمودا و أصحاب الرس و قرونا بين ذلك كثيرا كانت فيهم الأوجاع و كانت لهم الأطباء ، فلما بقى المداوى و لا المداوى . فقيل له : ألا تذكر الناس ؟ قال : ما أنا عن نفسى براض فأتفرغ من ذمها إلى ذم الناس ، إن الناس خافوا الله فى ذنوب الناس و أمنوا على ذنوبهم .
عن أبى وائل ، قال : أتينا الربيع بن خثيم ، فقال : ما جاء بكم ؟ فقلنا : جئنا لتحمد الله و نحمده معك ، و تذكر الله و نذكره معك . قال : الحمد لله الذى لم تأتونى تقولون : جئنا لتشرب فنشرب معك ، و تزنى فنزنى معك .
وعن أبى وائل ، قال : خرجنا مع عبد الله بن مسعود ومعنا الربيع بن خثيم فمررنا على حداد فقام عبد الله ينظر حديده فى النار فنظر ربيع إليها فتمايل فسقط ، فمضى عبد الله حتى أتينا على أتون على شاطىء الفرات ، فلما رآه عبد الله والنار تلهب فى جوفه قرأ هذه الآية :
( إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ( الفرقان :12) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا ( الفرقان:13)
فصعق الربيع ، فاحتملناه فجئنا به إلى أهله . قال : ثم رابطه عبد الله إلى الظهر فلم يفق ، ثم رابطه إلى العصر فلم يفق ، ثم رابطه إلى المغرب فلم يفق ، ثم إنه أفاق فرجع عبد الله إلى أهله .
وعن الشعبى ، قال : ما جلس الربيع فى مجلس منذ تأزر ، و قال : أخاف أن يظلم رجل فلا أنصره ، أو يفترى رجل على رجل فأكلف الشهادة عليه ، و لا أغض البصر ، و لا أهدى السبيل ، أو يقع الحامل فلا أحمل عليه .
وعن مالك بن دينار انه قال : قالت ابنة الربيع للربيع : يا أبت ، مالك لا تنام و الناس ينامون ؟ فقال : إن النار لا تدع أباك ينام .
كان الربيع بن خثيم يقاد إلى الصلاة وبه الفالج.
فقيل له: قد رخص لك.
قال: إني أسمع (حي على الصلاة)، فإن استطعتم أن تأتوها ولو حبوا.
وقيل: إنه قال: ما يسرني أن هذا الذي بي بأعتى الديلم على الله (4)
قال محمد بن سعد : توفى فى ولاية عبيد الله بن زياد .
ولما حضر الربيع بكت ابنته فقال : يا بنية ، ما تبكين ؟ قولى : يا بشراى ، لقى أبى الخير .
روى له الجماعة ، أبو داود فى " القدر " . اهـ .
قال الحافظ في تهذيب التهذيب 3 / 242 :
و قال ابن حبان فى " الثقات " : أخباره فى الزهد و العبادة ، أشهر من أن يحتاج إلى الإغراق فى ذكره ، مات بعد قتل الحسين سنة ثلاث و ستين .
و أرخه ابن قانع سنة إحدى و ستين .
و قال العجلى : تابعى ثقة ، و كان خيارا .
و روى أحمد فى " الزهد " : عن ابن مسعود أنه كان يقول للربيع : و الله لو رآك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأحبك .
و ذكره المزى من غير عزو " للزهد " ، و زاد : و ما رأيتك إلا ذكرت المخبتين .
(1) الحلية 2 / 108
(2) ابن سعد 6 / 185.
(3) المعرفة والتاريخ 2 / 573.
(4) ابن سعد 6 / 189، 190 والمعرفة والتاريخ 2 / 571 وانظر الحلية 2 / 113، 11