إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري
نسبـه وولادتـه :
هو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري[1]، ولم تذكر المصادر سنةَ ولادته، ويظهر أنَّها كانت في النصف الأول من القرن الثالث؛ لأنَّ الإمام مسلماً رحمه الله فرغ من كتابة الصحيح سنة خمسين ومائتين، كما ذكر العراقي[2]، ثم أخذ يمليه على الناس حتى فرغ من ذلك لعشر خلون من رمضان سنة سبع وخمسين ومائتين، كما نصَّ على ذلك ابن سفيان[3]، وعاش ابن سفيان بعد ذلك حتى أول القرن الرابع كما سيأتي.
صفاتــه :
وصفه النووي بالسيد الجليل، وبأنَّه أحد الفقهاء في عصره[4]، لكن غلب عليه الوصف بالصلاح والزهد وكثرة العبادة، فقال الحاكم النيسابوري[5]: سمعتُ أبا عمرو إسماعيل بن نجيد بن أحمد بن يوسف السلمي[6] يقول: "كان إبراهيم بن محمد بن سفيان من الصالحين"[7]، وقال فيه محمد بن أحمد بن شعيب[8]: "ما كان في مشايخنا أزهد ولا أكثر عبادة من إبراهيم بن محمد بن سفيان"[9]، ويظهر أنَّ صحبته لأيوب بن الحسن الزاهد[10] أثَّرت فيه، وأثْرَت هذا الجانب في شخصيته.
كما وصفه محمد بن يزيد العدل[11] بأنَّه مُجاب الدعوة[12]. يعني: لكثرة عبادته.
ولم تقتصر معارفه على الزهد والفقه فقط، فهو معدود في محدِّثي نيسابور، وكان من أعلم أهل بلده بهذا العلم، كيف لا وهو أكثر تلامذة الإمام مسلم ملازمة له، وأخصَّهم به، وراوية صحيحه، بل إنَّ روايته أشهر الروايات وأكملها كما سيأتي.
طلبه للعلم ورحلاته:
يظهر أنَّ الإمام ابن سفيان بدأ في طلب العلم على مشايخ بلده نيسابور، فمُعظم شيوخه الذين وقفتُ عليهم نيسابوريون، ثم ارتحل بعد ذلك إلى بعض المراكز العلمية في وقته لتلقي العلم والسماع من مشايخها، فذكر الذهبي أنَّه رحل وسمع ببغداد، والكوفة، والحجاز[13]، وذكر ابن نقطة أنَّه ارتحل كذلك إلى الري[14]، وربَّما كان ذلك في طريقه إلى مكة لأداء فريضة الحج، أو عند رجوعه منها، ولم أقف له على رحلة إلى الشام ومصر وغيرهما، ولعله اكتفى بلقاء مَن حضر من علماء هذه الأمصار إلى الديار الحجازية بهدف الحج.
شيوخــه:
لم تذكر المصادر التي ترجمت له سوى تسعةً من شيوخه، وقد وقفتُ على سبعة عشر شيخاً غيرهم روى عنهم ابن سفيان، من بينهم شيوخه الثمانية الذين روى عنهم زياداته على صحيح مسلم، ومن هؤلاء الثمانية ستة شيوخ لم أقف على رواية ابن سفيان عنهم إلاَّ من خلال هذه الزيادات، ممَّا يدلُّ على أهميَّتها وفائدتها:
أولاً: شيوخه الذين ورد ذكرهم في مصادر ترجمته:
1 ـ سفيان بن وكيع[15].
2 ـ عبد الله بن سعيد الكندي، أبو سعيد الأشج[16].
3 ـ عمرو بن عبد الله الأودي[17].
4 ـ محمد بن أسلم الطوسي[18].
5 ـ محمد بن رافع القشيري[19].
6 ـ محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ[20].
7 ـ محمد بن مقاتل الرازي[21].
8 ـ مسلم بن الحجاج، وهو من أجلِّ شيوخه، وأشهر من أن يُعرَّف به.
9 ـ موسى بن نصر الرازي[22].
ثانيا: شيوخه الذين روى عنهم ابن سفيان في الزيادات على صحيح مسلم، وقد عرَّفتُ بمن وقفتُ عليه منهم في أول موضع ذُكروا فيه:
10 ـ إبراهيم بن بنت حفص: روى عنه النص (13).
11 ـ الحسن بن بشر بن القاسم: روى عنه النصوص (1)، (3)، (7)، (8)، (10)، (12).
12 ـ الحسين بن بشر بن القاسم ـ أخو الحسن ـ: روى عنه النص (10).
13 ـ الحسين بن عيسى البسطامي: روى عنه النص (13).
14 ـ سهل بن عمَّار: روى عنه النص (13).
15 ـ عبد الرحمن بن بشر: روى عنه النصين (2)، (6).
16 ـ محمد بن عبد الوهاب الفراء: روى عنه النص (4).
17 ـ محمد بن يحيى الذهلي: روى عنه النصوص (5)، (9)، (10)، (11).
ثالثاً: شيوخ آخرين غير الذين تقدَّموا:
18 ـ أحمد بن أيوب، أبو ذر العطار النيسابوري[23].
19 ـ أحمد بن حرب بن فيروز الزاهد النيسابوري[24].
20 ـ أحمد بن محمد بن نصر اللَّبَّاد النيسابوري[25].
21 ـ أيوب بن الحسن النيسابوري[26].
22 ـ رجاء بن عبد الرحيم الهروي[27].
23 ـ العباس بن حمزة بن عبد الله بن أشرس النيسابوري[28].
24 ـ علي بن الحسن الذهلي الأفطس النيسابوري[29].
25 ـ محمد بن أيوب بن الحسن النيسابوري[30].
26 ـ مهرجان النيسابوري الزاهد[31].
تلاميــذه:
أما عن تلاميذه فالظاهر أنَّ كثيرين قد أخذوا العلم عن ابن سفيان، على اعتبار أنَّه أشهر راوية للصحيح، لكن المصادر لم تذكر لنا منهم سوى القليل، فذكر الذهبي في ترجمته في كتابه تاريخ الإسلام أربعة منهم، ثم قال: وآخرون، وهم:
1 ـ أحمد بن هارون البرديجي[32].
2 ـ عبد الحميد بن عبد العزيز القاضي، أبو حازم السكوني[33].
3 ـ أبو الفضل محمد بن إبراهيم بن الفضل الهاشمي[34].
4 ـ محمد بن عيسى بن عمرويه الجُلودي[35].
وقد وقفتُ على خمسة آخرين أخذوا عنه، وهم:
1 ـ إسماعيل بن نجيد السلمي[36].
2 ـ أبو سعيد أحمد بن محمد بن إبراهيم الفقيه[37].
3 ، 4 ـ أبو بكر محمد بن إبراهيم بن يحيى الكسائي وأبوه[38].
5 ـ محمد بن أحمد بن شعيب[39].
أما فيما يتعلَّق بعلومه ومعارفه، فسيأتي الكلام عليها في مبحثي: زياداته وتعليقاته على صحيح مسلم.
وفاتــه:
عاش الإمام ابن سفيان بعد شيخه مسلم أكثر من نصف قرن، حتى وافته المنيَّةُ ببلدته نيسابور في شهر رجب سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة كما حكاه الحاكم، وعنه نقل كلُّ مَن ترجم له، ودُفن بها كما تقدَّم، رحمه الله رحمة واسعة.