جعفر الصادق
جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب القرشى الهاشنى أبو عبد الله المدنى الصادق . و أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق ، و أمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق ، و لذلك كان يقول : ولدنى أبو بكر مرتين . اهـ .
روى له البخاري في الأدب المفرد - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه
رتبته عند ابن حجر : صدوق فقيه إمام
قال ابن معين : ثقة ، و قال أبو حنيفة : ما رأيت أفقه منه
و قال أحمد بن سلمة النيسابورى ، عن إسحاق بن راهويه ، قلت للشافعى : كيف جعفر ابن محمد عندك ؟ فقال : ثقة ـ فى مناظرة جرت بينهما ـ .
و قال عباس الدورى ، و عثمان بن سعيد الدارمى ، و أبو بكر بن أبى خيثمة ،و أحمد بن سعد بن أبى مريم ، عن يحيى بن معين : ثقة .
زاد عباس : مأمون .
و زاد ابن أبى مريم ، عن يحيى ، قال : كنت لا أسأل يحيى بن سعيد عن حديثه ، فقال لى : لم لا تسألنى عن حديث جعفر بن محمد ؟ قلت : لا أريده ، فقال لى : إن كان يحفظ فحديث أبيه المسند ـ يعنى حديث جابر فى الحج .
قال يحيى بن معين : و خرج حفص بن غياث إلى عبادان و هو موضع رباط ، فاجتمع إليه البصريون فقالوا له : لا تحدثنا عن ثلاثة : أشعث بن عبد الملك ، و عمرو بن عبيد ، و جعفر بن محمد ، فقال : أما أشعث فهو لكم و أنا أتركه لكم ، و أما عمرو بن عبيد فأنتم أعلم به ، و أما جعفر بن محمد فلو كنتم بالكوفة لأخذتكم النعال المطرقة .
و قال عبد الرحمن بن أبى حاتم : سمعت أبا زرعة و سئل عن جعفر بن محمد عن ابيه ، و سهيل عن أبيه ، و العلاء عن أبيه : أيها أصح ؟ قال : لا يقرن جعفر إلى هؤلاء ، و قال : سمعت أبى يقول : جعفر بن محمد ثقة ، لا يسأل عن مثله .
و قال أبو أحمد بن عدى : و لجعفر حديث كثير ، عن أبيه ، عن جابر ، عن
النبى صلى الله عليه وسلم ، و عن أبيه عن آبائه ، و نسخ لأهل البيت ، و قد حدث عنه من الأئمة مثل ابن جريج و شعبة و غيرهما ، و هو من ثقات الناس كما قال يحيى ابن معين .
و قال أبو العباس بن عقدة : حدثنا جعفر بن محمد بن هشام قال : حدثنا محمد بن حفص بن راشد ، قال : حدثنا أبى ، عن عمرو بن أبى المقدام ، قال : كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين .
و قال أيضا : حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن قتيبة ، قال : حدثنا محمد بن حماد ابن زيد الحارثى ، قال : حدثنا عمرو بن ثابت ، قال : رأيت جعفر بن محمد واقفا عند الجمرة العظمى ، و هو يقول : سلونى ، سلونى .
و قال أيضا : حدثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدى ، عن يحيى بن سالم ، عن صالح بن أبى الأسود ، قال : سمعت جعفر بن محمد ، يقول : سلونى قبل أن تفقدونى ، فإنه لا يحدثكم أحد بعدى بمثل حديثى .
و قال أيضا : حدثنا جعفر بن محمد بن حسين بن حازم ، قال : حدثنى إبراهيم بن محمد الرمانى ، أبو نجيح قال : سمعت حسن بن زياد يقول : سمعت أبا حنيفة و سئل : من أفقه من رأيت ؟ فقال : ما رأيت أحدا أفقه من جعفر بن محمد ، لما أقدمه المنصور الحيرة ، بعث إلى فقال : يا أبا حنيفة ، إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيىء له من مسائلك الصعاب ، قال : فهيأت له أربعين مسألة ، ثم بعث إلى أبو جعفر فأتيته بالحيرة ، فدخلت عليه و جعفر جالس عن يمينه ، فلما بصرت بهما دخلنى لجعفر من الهيبة ما لم يدخل لأبى جعفر ، فسلمت ، و أذن لى ، فجلست ، ثم التفت إلى جعفر ، فقال : يا أبا عبد الله تعرف هذا ؟ قال : نعم ، هذا أبو حنيفة ، ثم أتبعها : قد أتانا ، ثم قال : يا أبا حنيفة ، هات من مسائلك ، نسأل أبا عبد الله ، و ابتدأت أسأله ، و كان يقول فى المسألة : أنتم تقولون فيها كذا
و كذا ، و أهل المدينة يقولون كذا و كذا ، و نحن نقول كذا و كذا ، فربما تابعنا و ربما تابع أهل المدينة ، و ربما خالفنا جميعا حتى أتيت على أربعين مسألة ما أخرم منها مسألة ، ثم قال أبو حنيفة : أليس قد روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس ؟
و قال على بن الجعد ، عن زهير بن معاوية : قال أبى لجعفر بن محمد : إن لى جارا يزعم أنك تبرأ من أبى بكر و عمر ، فقال جعفر : برىء الله من جارك ، و الله إنى لأرجوا أن ينفعنى الله بقرابتى من أبى بكر ، و لقد اشتكيت شكاية ، فأوصيت إلى خالى عبد الرحمن بن القاسم .
و قال هشام بن يونس ، عن سفيان بن عيينة : حدثونا عن جعفر بن محمد ـ و لم أسمعه منه ـ ، قال : كان آل أبى بكر يدعون على عهد رسول الله آل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
و قال محمد بن يحيى بن أبى عمر العدنى ، و غير واحد ، عن سفيان بن عيينة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه نحو ذلك .
و قال محمد بن فضيل ، عن سالم بن أبى حفصة : سألت أبا جعفر محمد بن على ،
و جعفر بن محمد عن أبى بكر و عمر ، فقالا لى : يا سالم تولهما و ابرأ من عدوهما ، فإنهما كانا إمامى هدى ، قال : و قال لى جعفر بن محمد : يا سالم أيسب الرجل جده ؟ أبو بكر جدى ، لا نالتنى شفاعة محمد صلى الله عليه و سلم يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما و أبرأ من عدوهما .
أخبرنا بذلك أبو الفرج عبد الرحمن بن أبى عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسى بدمشق ، و أبو الذكاء عبد المنعم بن يحيى بن إبراهيم الزهرى بالمسجد الأقصى ، و أبو بكر محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن الأنماطى الأنصارى بالقاهرة ، و أبو بكر عبد الله بن أحمد بن إسماعيل بن فارس التميمى بالإسكندرية ، قالوا : أخبرنا أبو البركات داود بن أحمد بن محمد بن ملاعب البغدادى بدمشق ، قال : أخبرنا القاضى أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموى ببغداد ، قال : أخبرنا الشريف أبو الغنائم عبد الصمد بن على بن محمد بن الحسن ابن المأمون ، قال : أخبرنا الحافظ أبو الحسن على بن عمر بن أحمد بن مهدى الدارقطنى ، قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم البزاز ، قال : حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، فذكره .
و به ، قال : أخبرنا أبو الحسن الدارقطنى ، قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد ابن إسماعيل الأدمى ، قال : حدثنا الفضل بن سهل ، قال : حدثنا هاشم بن القاسم ، قال : حدثنا محمد بن طلحة ، عن خلف بن حوشب ، عن سالم بن أبى حفصة ، قال : دخلت على جعفر بن محمد أعوده و هو مريض ، فقال : اللهم إنى أحب أبا بكر و عمر
و أتولاهما ، اللهم إن كان فى نفسى غير هذا فلا تنالنى شفاعة محمد صلى الله عليه و سلم .
و به ، قال : أخبرنا الدارقطنى ، قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمى ، قال : حدثنا محمد بن الحسين الحنينى ، قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد الأزدى قال : حدثنا حفص بن غياث ، قال : سمعت جعفر بن محمد يقول : ما أرجو من شفاعة على شيئا إلا و أنا أرجو من شفاعة أبى بكر مثله ، و لقد ولدنى مرتين .
و به ، قال : أخبرنا الدارقطنى ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمى ،
قال : حدثنا محمد بن الحسين الحنينى ، قال : حدثنا مخلد بن أبى قريش الطحان ، قال : حدثنا عبد الجبار بن العباس الهمدانى : أن جعفر بن محمد أتاهم و هم يريدون أن يرتحلوا من المدينة . فقال : إنكم إن شاء الله من صالحى أهل مصركم ، فأبلغوهم عنى من زعم أنى إمام مفترض الطاعة ، فأنا منه برىء ، و من زعم أنى أبرأ من أبى بكر و عمر ، فأنا منه برىء .
و به ، قال : أخبرنا الدارقطنى ، قال : حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار ، قال : حدثنا أبو يحيى الرازى جعفر بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن مهران ، قال : حدثنا يحيى بن سليم ، عن جعفر بن محمد قال : إن الخبثاء من أهل العراق يزعمون أنا نقع فى أبى بكر و عمر رضى الله عنهما ، و هما والدى .
و به ، قال : أخبرنا الدارقطنى ، قال : حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار ، قال : حدثنا أبو يحيى الرازى ، قال : حدثنا على بن محمد الطنافسى ، قال : حدثنا حنان ابن سدير ، قال : سمعت جعفر بن محمد و سئل عن أبى بكر و عمر ، فقال : إنك تسألنى عن رجلين قد أكلا من ثمار الجنة .
و به ، قال : أخبرنا الدارقطنى ، قال : حدثنا الحسين بن إسماعيل ، قال : حدثنا محمود بن خداش ، قال : حدثنا أسباط بن محمد ، قال : حدثنا عمرو بن قيس الملائى ، قال : سمعت جعفر بن محمد يقول : برىء الله ممن تبرأ من أبى بكر و عمر .
و قال عبد العزيز بن محمد الأزدى ، عن حفص بن غياث : سمعت جعفر بن محمد يقول : ما يسرنى بشفاعة أبى بكر رضى الله عنه هذا العمود ذهبا ، يعنى سارية من سوارى المسجد .
و قال معبد بن راشد ، عن معاوية بن عمار الدهنى : سألت جعفر بن محمد عن القرآن ، فقال : ليس بخالق و لا مخلوق ، و لكنه كلام الله عز وجل .
و قال حماد بن زيد ، عن أيوب : سمعت جعفرا يقول : إنا و الله لا نعلم كل ما تسألونا عنه ، و لغيرنا أعلم منا .
و قال محمد بن عمران بن أبى ليلى ، عن مسلمة بن جعفر الأحمسى ، قلت لجعفر بن محمد : إن قوما يزعمون أن من طلق ثلاثا بجهالة رد إلى السنة ، تجعلونها واحدة ، يروونها عنكم ، قال : معاذ الله ما هذا من قولنا من طلق ثلاثا فهو كما قال .
و قال سويد بن سعيد : عن معاوية بن عمار ، عن جعفر بن محمد : من صلى على محمد
و على أهل بيته مئة مرة ، قضى الله له مئة حاجة .
و قال محمد بن الصلت الأسدى ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد فى قوله تعالى :
* ( اتقوا الله و كونوا مع الصادقين ) * قال : محمد و على .
و قال محمد بن أحمد بن ثابت : حدثنا محمد بن إسحاق بن أبى عمارة ، قال : حدثنا حسين بن معاذ بن مسلم ، عن عمر بن أبان ، عن جعفر بن محمد فى قوله تعالى :
* ( إن فى ذلك لأيات للمتوسمين ) * قال : للمتفرسين .
أخبرنا بذلك أبو العباس أحمد بن أبى الخير الحداد ، عن كتاب القاضى أبى المكارم أحمد بن محمد اللبان إليه من أصبهان ، قال : أخبرنا أبو على الحسن بن أحمد الحداد ، قال : أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا محمد بن عمر بن سلم ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن ثابت ، فذكره .
و بهذا الإسناد إلى أبى نعيم الحافظ ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال : حدثنا محمد بن العباس ، قال : حدثنى محمد بن عبد الرحمن بن غزوان ، قال : حدثنا مالك بن أنس ، عن جعفر بن محمد بن على بن الحسين ، قال : لما قال له سفيان : لا أقوم حتى تحدثنى ، قال جعفر : أما إنى أحدثك و ما كثرة الحديث لك بخير يا سفيان ، إذا أنعم الله عليك بنعمة ، فأحببت بقاءها و دوامها ، فأكثر من الحمد و الشكر عليها ، فإن الله عز و جل ، قال فى كتابه :
* ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) * و إذا استبطأت الرزق ، فأكثر من الاستغفار ، فإن الله عز و جل قال فى كتابه :
* ( استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا و يمددكم بأموال
و بنين ) * ـ يعنى فى الدنيا ـ * ( و يجعل لكم جنات و يجعل لكم أنهارا ) * فى الآخرة ، يا سفيان إذا حزبك أمر من سلطان أو غيره ، فأكثر من :
" لا حول و لا قوة إلا بالله " ، فإنها مفتاح الفرج و كنز من كنوز الجنة ، فعقد سفيان بيده ، و قال : ثلاث ، و أى ثلاث ؟ ! قال جعفر : عقلها و الله أبو
عبد الله و لينفعه الله بها .
و به ، قال : حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الغطريفى ، قال : حدثنا محمد بن أحمد ابن مكرم الضبى ، قال : حدثنا على بن عبد الحميد ، قال : حدثنا موسى بن مسعود ، قال : حدثنا سفيان الثورى ، قال : دخلت على جعفر بن محمد و عليه جبة خز دكناء
و كساء خز أندجانى ، فجعلت أنظر إليه تعجبا فقال لى : يا ثورى ، ما لك تنظر إلينا لعلك تعجب مما ترى ، قال : قلت : يا ابن رسول الله ليس هذا من لباسك و لا لباس آبائك ، فقال لى : يا ثورى ، كان ذلك زمانا مقترا مقفرا ، و كان يعملون على قدر إقتاره و إقفاره ، و هذا زمان قد اسبل كل شىء فيه عزاليه ثم حسر عن ردن جبته ، فإذا فيها جبة صوف بيضاء يقصر الذيل عن الذيل و الردن عن الردن ، فقال لى : يا ثورى لبسنا هذا لله ، و هذا لكم ، فما كان لله أخفيناه و ما كان لكم أبديناه .
و به ، قال : حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا محمد بن العباس ، قال : حدثنا الحسين بن عبد الرحمن بن أبى عباد ، قال : حدثنا محمد بن بشر ، عن جعفر بن محمد ، قال : أوحى الله تعالى إلى الدنيا أن اخدمى من خدمنى و أتعبى من خدمك .
و به ، قال : حدثنا أبى قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عمر ، قال : حدثنا
عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن إدريس ، قال : حدثنا محمد بن على ، قال : حدثنى محمد بن القاسم ، قال : كان جعفر بن محمد يقول : كيف أعتذر و قد
احتججت ؟ و كيف أحتج و قد علمت ؟
و به ، قال : حدثنا أبى ، قال : حدثنا أبو الحسن بن أبان ، قال : حدثنا أبو بكر ابن عبيد ، قال : حدثنا محمد بن الحسين البرجلانى ، قال : حدثنا يحيى بن
أبى بكير ، عن الهياج بن بسطام قال : كان جعفر بن محمد يطعم حتى لا يبقى لعياله شىء .
و به ، قال : حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن مقسم ، قال : حدثنا أبو الحسن العاقولى الكاتب ، قال : حدثنا عيسى صاحب الديوان ، قال : حدثنى بعض أصحاب جعفر ، قال : سئل جعفر بن محمد ، لم حرم الله الربا ؟ قال : لئلا يتمانع الناس المعروف .
و به قال : حدثنا محمد بن عمر بن سلم ، قال : حدثنا محمد بن القاسم ، قال : حدثنا عباد ـ يعنى ابن يعقوب ـ قال : حدثنا يونس بن أبى يعفور عن عبد الله بن أبى يعفور ، عن جعفر بن محمد ، قال : يبنى الإنسان على خصال ، فمهما بنى عليه فإنه لا يبنى على الخيانة و الكذب .
و به ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن العباس ، قال :
حدثنا أحمد بن بديك ، قال : حدثنا عمرو اليامى ، قال : حدثنا هشام بن عباد ، قال : سمعت جعفر بن محمد ، يقول : الفقهاء أمناء الرسل ، فإذا رأيتم الفقهاء قد ركنوا إلى السلاطين فاتهموهم .
و به قال : حدثنا سليمان بن أحمد ، قال : حدثنا أحمد بن زيد بن الحريش ، قال : حدثنا عباس بن الفرج الرياشى ، قال : حدثنا الأصمعى ، قال : قال جعفر بن محمد : الصلاة قربان كل تقى ، و الحج جهاد كل ضعيف ، و زكاة البدن الصيام ، و الداعى بلا عمل كالرامى بلا وتر ، و استنزلوا الرزق بالصدقة ، و حصنوا أموالكم بالزكاة ، و ما عال من اقتصد ، و التقدير نصف العيش ، و التودد نصف العقل ، و قلة العيال أحد اليسارين ، و من أحزن والديه فقد عقهما ، و من ضرب بيده على فخذه عند مصيبة فقد حبط أجره ، و الصنيعة لا تكون صنيعة إلى عند ذى حسب أو دين ،
و الله منزل الصبر على قدر المصيبة ، و منزل الرزق على قدر المؤنة ، و من قدر معيشته رزقه الله ، و من بذر معيشته حرمه الله .
و به ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن مقسم ، قال : حدثنا أبو الحسن على بن الحسن الكاتب ، قال : حدثنى أبى ، قال : حدثنى الهيثم ، قال : حدثنى بعض أصحاب جعفر ابن محمد الصادق ، قال : دخلت على جعفر ، و موسى بين يديه ، و هو يوصيه بهذه الوصية ، فكان مما حفظت منها ، أن قال : يا بنى اقبل وصيتى و احفظ مقالتى ، فإنك إن حفظتها ، تعيش سعيدا ، و تموت حميدا ، يا بنى ، من قنع بما قسم له استغنى ، و من مد عينه إلى ما فى يد غيره مات فقيرا ، و من لم يرض بما قسم الله له اتهم الله فى قضائه ، و من استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه ، يا بنى من كشف حجاب غيره انكشفت عورات بيته ، و من سل سيف البغى قتل به ، و من احتفر بئرا لأخيه سقط فيه ، و من داخل السفهاء حقر ، و من خالط العلماء وقر ، و من دخل مداخل السوء اتهم ، يا بنى إياك أن تزرى بالرجال فيزرى بك ، و إياك و الدخول فيما لا يعنيك فتذل لذلك . يا بنى ، قل الحق لك و عليك ، تستشار من بين أقربائك . يا بنى كن لكتاب الله تاليا ، و للسلام فاشيا ، و للمعروف آمرا ، و عن المنكر ناهيا ، و لمن قطعك واصلا ، و لمن سكت عنك مبتدئا ، و لمن سألك معطيا ، و إياك و النميمة ، فإنها تزرع الشحناء فى قلوب الرجال ، و إياك و التعرض لعيوب الناس فمنزلة المتعرض لعيوب الناس كمنزلة الهدف ، يا بنى إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه ، فإن للجود معادن ، و للمعادن أصولا ، و للأصول فروعا ، و للفروع ثمرا ، و لا يطيب ثمر إلا بفرع ، و لا فرع إلا بأصل ، و لا أصل ثابت إلا بمعدن طيب ، يا بنى : إذا زرت فزر الأخيار ، و لا تزر الفجار ، فإنهم صخرة لا يتفجر ماؤها ، و شجرة لا يخضر ورقها ، و أرض لا يظهر عشبها .
قال على بن موسى : فما تركت هذه الوصية إلى أن توفى .
و به ، قال : حدثنا محمد بن عمر بن سلم ، قال : حدثنى أحمد بن زياد ، قال : حدثنا الحسن بن بزيع ، عن الحسن بن على الكلبى ، عن عائذ بن حبيب ، قال : قال : جعفر بن محمد : لا زاد أفضل من التقوى ، و لا شىء أحسن من الصمت ، و لا عدو أضر من الجهل ، و لا داء أدرأ من الكذب .
و به ، قال : حدثنا أبى : قال حدثنا أبو الحسن العبدى ، قال : حدثنا أبو بكر القرشى ، قال : حدثنا المفضل بن غسان ، عن أبيه ، عن شيخ من أهل المدينة ، قال : كان من دعاء جعفر بن محمد : اللهم أعزنى بطاعتك ، و لا تخزنى بمعصيتك ، اللهم ارزقنى مواساة من قترت عليه رزقك بما وسعت على من فضلك .
قال أبو معاوية ـ يعنى غسان ـ : فحدثت بذلك سعيد بن سلم فقال : هذا دعاء الأشراف .
و به ، قال : حدثنا أبى : قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عمر ، قال : حدثنا أبو بكر بن عبيد ، قال : حدثنى الوليد بن شجاع ، قال : حدثنا إبراهيم بن أعين ، عن يحيى بن الفرات ، قال : قال جعفر بن محمد لسفيان الثورى : لا يتم المعروف إلا بثلاثة : بتعجيله و تصغيره و ستره .
و به ، قال : حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجانى ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم البحرى ، قال : حدثنا جعفر الصائغ ، قال : حدثنا عبيد بن إسحاق ، قال : حدثنا نصير بن كثير ، قال : دخلت أنا و سفيان الثورى على جعفر بن محمد ، فقلت : إنى أريد البيت الحرام فعلمنى شيئا أدعو به ، فقال : إذا بلغت البيت الحرام ، فضع يدك على الحائظ ثم قل : " يا سابق الفوت و يا سامع الصوت ، و يا كاسى العظام لحما بعد الموت " ثم ادع بما شئت ، فقال له سفيان : شيئا لم أفهمه ، فقال له : يا سفيان ، إذا جاءك ما تحب فأكثر من الحمد ، و إذا جاءك ما تكره ، فأكثر من لا حول و لا قوة إلا بالله ، و إذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار .
و به قال : حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم ، قال : حدثنا أحمد بن على الأبار ، قال : حدثنا منصور بن أبى مزاحم ، قال : حدثنا عنبسة الخثعمى ، و كان من الأخيار ، قال : سمعت جعفر بن محمد يقول : إياكم و الخصومة فى الدين فإنها تشغل القلب ،
و تورث النفاق .
و به قال : حدثنا محمد بن عمر بن سلم ، قال : حدثنا الحسين بن عصمة ، قال : حدثنا أحمد بن عمرو بن المقدام الرازى ، قال : وقع الذباب على المنصور فذبه عنه ، فعاد ، فذبه حتى أضجره ، فدخل جعفر بن محمد ، فقال له المنصور :
يا أبا عبد الله : لم خلق الله الذباب ؟ قال : ليذل به الجبابرة .
و به ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن محمد ، قال : حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا أبو زرعة ، قال : حدثنا عبد الرحيم بن مطرف ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن شيخ لهم يكنى أبا عبد الله ، عن جعفر بن محمد ، قال : لما دخل معهما البيت ـ يعنى يوسف ـ كان فى البيت صنم من ذهب ، أو من غيره ، فقالت : كما أنت حتى أغطى الصنم ، فإنى أستحيى منه ، فقال يوسف : هذه تستحيى من الصنم ، فأنا أحق أن أستحيى من الله ، قال : فكف عنها أو تركها .
و به ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا على بن رستم ، قال : سمعت أبا مسعود يقول : قال جعفر بن محمد : إذا بلغك عن أخيك شىء يسوؤك فلا تغتم ، فإنه إن كان كما يقول ، كانت عقوبة عجلت ، و إن كان على غير ما يقول كانت حسنة لم تعملها ، قال : و قال موسى عليه السلام : يا رب أسألك أن لا يذكرنى أحد إلا بخير ، قال : ما فعلت ذلك بنفسى ؟ إلى هنا عن أبى نعيم ، عن شيوخه .
و قال سويد بن سعيد : قال الخليل بن أحمد صاحب العروض : سمعت سفيان بن سعيد الثورى يقول : قدمت إلى مكة فإذا أنا بأبى عبد الله جعفر بن محمد ، قد أناخ بالأبطح ، فقلت : يا ابن رسول الله ، لم جعل الموقف من وراء الحرم ، و لم يصير فى المشعر الحرام ؟ فقال : الكعبة بيت الله عز و جل ، و الحرم حجابه ، و الموقف بابه ، فلما قصده الوافدون ، أوقفهم بالباب يتضرعون ، فلما أذن لهم بالدخول ، أدناهم من الباب الثانى و هو المزدلفة ، فلما نظر إلى كثرة تضرعهم و طول اجتهادهم رحمهم ، فلما رحمهم ، أمرهم بتقريب قربانهم ، فلما قربوا قربانهم ،
و قضوا تفثهم ، و تطهروا من الذنوب التى كانت حجابا بينه و بينهم أمرهم بالزيارة ببيته على طهارة منهم له ، قال : فقال له : فلما كره الصوم أيام التشريق ؟ فقال : إن القوم فى ضيافة الله عز و جل ، و لا يجب على الضيف أن يصوم عند من أضافه ، قال : قلت : جعلت فداك فما بال الناس يتعلقون بأستار الكعبة ،
و هى خرق لا تنفع شيئا ؟ فقال : ذلك مثل رجل بينه و بين رجل جرم فهو يتعلق به
و يطوف حوله رجاء أن يهب له ذلك الجرم .
أخبرنا بذلك أبو الحسن على بن أحمد ابن البخارى المقدسى ، قال : أنبأنا أبو محمد بن أبى بكر بن أبى القاسم ابن الطويلة ، و أبو القاسم سعيد بن محمد بن محمد بن عطاف الهمدانى كتابة من بغداد ، قالا : أخبرنا الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن عمر بن أحمد ابن السمرقندى ، قال : حدثنى محمد بن أبى نصر الحميدى ، قال : أخبرنا أبو على الحسين بن محمد بن عيسى القيسى المالكى بقراءتى عليه فى منزله بالفسطاط ، قال : أخبرنا عبد الكريم بن أحمد بن على بن أبى جدار قراءة عليه ، قال : حدثنا أبو على الحسن بن رخيم ، قال : حدثنا هارون بن أبى الهيذام ، قال : أخبرنا سويد بن سعيد ، فذكره .
و قال عيسى بن أبى حرب الصفار ، عن الفضل بن الربيع ، عن الربيع : دعانى المنصور أمير المؤمنين ، فقال : إن بنى جعفر بن محمد الصادق يلحد فى سلطانى ، قتلنى الله إن لم أقتله ، قال : فأتيته ، فقلت : أجب أمير المؤنين ، قال : فتطهر و لبس ثيابا ، أحسبه قال : جددا فأقبلت به فاستأذنت له ، فقال : أدخله ، قتلنى الله إن لم أقتله ، فلما نظر إليه مقبلا ، قام من مجلسه فتلقاه ، و قال : مرحبا بالنقى الساحة البرىء من الدغل و الخيانة ، أخى و ابن عمى ، فأقعده على سريره معه ، و أقبل عليه بوجهه و سأله عن حاله ثم قال : سلنى حوائجك ؟ فقال : أهل مكة و المدينة قد بخلت عليهم عطاءهم فتأمر لهم به ، قال : أفعل ثم قال :
يا جارية إيتنى بالمتحفة ، فأتته بمدهن زجاج فيه غالية ، فغلفه بيده ، و انصرف ، فاتبعته فقلت : يا ابن رسول الله : أتيت بك و لا أشك إنه قاتلك ، و كان منه ما رأيت ، و قد رأيتك تحرك شفتيك بشىء عند الدخول ، فما هو ؟ قال : قلت : اللهم احرسنى بعينك التى لا تنام و اكنفنى بركنك الذى لا يرام ، و احفظنى بقدرتك على و لا تهلكنى و أنت رجائى ، رب كم من نعمة أنعمت بها على ، قل لك عندها شكرى ،
و كم من بلية ابتليتنى بها ، قل لك عندها صبرى ؟ ! فيا من قل عند نعمته شكرى ، فلم يحرمنى ، و يا من قل عند بليته صبرى ، فلم يخذلنى ، و يا من رآنى على المعاصى فلم يفضحنى ، و يا ذا النعماء التى لا تحصى أبدا ، و يا ذا المعروف الذى لا ينقضى أبدا ، أعنى على دينى بدنيا و على آخرتى بتقوى ، و احفظنى فيما غبت عنه ، و لا تكلنى إلى نفسى فيما حضرت ، يا من لا تضره الذنوب ، و لا تنقصه المغفرة ، اغفر لى ما لا يضرك ، و أعطنى ما لا ينقصك ، يا وهاب أسالك فرجا قريبا ، و صبرا جميلا ، و العافية من جميع البلايا و شكر العافية .
أخبرنا بذلك أبو الحسن ابن البخارى ، قال : أخبرنا أبو حفص بن طبرزد ، قال : أخبرنا القاضى أبو بكر محمد بن عبد الباقى الأنصارى ، قال : حدثنا القاضى الشريف أبو الحسين محمد بن على بن محمد ابن المهتدى بالله ، قال : أخبرنا
أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن على الصيدلانى المقرىء ، قال : حدثنا أبو طالب على بن أحمد الكاتب ، قال : حدثنا عيسى بن أبى حرب الصفار ، فذكره .
قال أبو الحسن المدائنى و خليفة بن خياط و الزبير بن بكار و غير واحد : مات سنة ثمان و أربعين و مئة ، زاد الزبير : و هو ابن ثمان و خمسين .
و قال أبو بكر الجعابى : رأيت بعض من صنف يذكر أن جعفرا ولد سنة ثمانين . و كذا قال أبو بكر بن منجويه ، و أبو القاسم اللالكائى : أن مولده سنة ثمانين .
قال الزبير بن بكار : و قال مالك بن أعين الجهنى يرثيه :
فيا ليتنى ثم يا ليتنى شهدت و إن كنت لم أشهد
فآسيت فى بثه جعفرا و ساهمت فى لطف العود
و إن قيل نفسك قلت الفدا وكف المنية بالمرصد
عشية يدفن قيل الندى و غرة زهو بنى أحمد
روى له البخارى فى " الأدب " و غيره و الباقون .
قال الحافظ في تهذيب التهذيب 2 / 104 :
و قال ابن سعد : كان كثير الحديث ، و لا يحتج به ، و يستضعف ، سئل مرة : سمعت هذه الأحاديث من أبيك ؟ فقال : نعم . و سئل مرة ، فقال : إنما وجدتها فى كتبه . قلت : يحتمل أن يكون السؤالان وقعا عن أحاديث مختلفة ، فذكر فيما سمعه أنه سمعه ، و فيما لم يسمعه أنه وجده ، و هذا يدل على تثبته .
و ذكره ابن حبان فى " الثقات " ، و قال : كان من سادات أهل البيت فقها و علما
و فضلا ، يحتج بحديثه من غير رواية أولاده عنه ، و قد اعتبرت حديث الثقات عنه ، فرأيت أحاديث مستقيمة ليس فيها شىء يخالف حديث الأثبات ، و من المحال أن يلصق به ما جناه غيره .
و قال الساجى : كان صدوقا مأمونا ، إذا حدث عنه الثقات فحديثه مستقيم .
قال أبو موسى : كان عبد الرحمن بن مهدى لا يحدث عن سفيان عنه ، و كان يحيى بن سعيد يحدث عنه .
و قال النسائى فى " الجرح و التعديل " : ثقة .
و قال مالك : اختلفت إليه زمانا ، فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال : إما مصل ، و إما صائم ، و إما يقرأ القرآن ، و ما رأيته يحدث إلا على طهارة . اهـ .
المصدر شبكة المنهاج الاسلامية