إن تتبع كيف أنقذ الله أنبياءه ورسله وكيف أمدَّهم بعونه وتأييده يزرع في القلب اليقين بقدرة الله وأنه لا يُعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وأن قوانين المادة وطبيعتها تتعطل أمام إرادة الخالق، وأن هذا الكون العظيم بكل ما فيه خاضع لإرادة الله وحده ومشيئته، وهذه بعض نماذج قصها القرآن:
ï فقد أبطل الله خصائص النار من أجل إبراهيم-عليه السلام- يوم أن ألقاه قومه في النار؛ حتى قيل إن النار يومها لم تنضج طعامًا ولم تحرق متاعًا صيانة لإبراهيم، وكان الله قادرًا على أن ينصر نبيه بطريقة أخرى من إمطار مطر أو حتى إرسال ملك، ولكنه أراد لنا أن نرضع من اليقين رضعات مشبعات حتى نشب كاملي الإيمان، فنصره بهذه المعجزة، وفي ذلك قال تعالى: قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوٓاْ ءَالِهَتَكُمۡ إِن ڪُنتُمۡ فَـٰعِلِينَ * قُلۡنَا يَـٰنَارُ كُونِى بَرۡدً۬ا وَسَلَـٰمًا عَلَىٰٓ إِبۡرَٲهِيمَ[الأنبياء: 68، 69].
وثمرة اليقين بقدرة الله هي الاعتماد عليه وحده، وصدق التوكل عليه والافتقار له، وعدم الوقوف إلا على بابه، وامتلاء القلب بردًا وسلامًا إذا أحاطت به المحن، وانشراح الصدر عند الشدائد، واستقبال الصعاب بثقة من المدد الإلهي والتأييد الرباني، وعندها يأتي الفرج.
وكلما زاد يقين العبد في قدرة الله كلما تدخلت هذه القدرة معه لتفعل الأعاجيب وتُدهش العقول، وتأملوا قصة خالد بن الوليدلما شرب السمَّ!!.
فقد روى التاريخ أنه كان مع أحد أعدائه وهو عمرو بن عبد المسيح بن بقيلة خادم معه كيس فيه سم، فأخذه خالد ونثره في يده وقال: لم تستصحب هذا؟ قال: خشيت أن تكون على غير ما رأيت، فكان أحب إليَّ من مكروه أُدخله على قومي. فقال خالد: لن تموت نفس حتى تأتي على أجلها، وقال: «بسم الله خير الأسماء .. رب الأرض ورب السماء الذي لا يضر مع اسمه داء .. الرحمن الرحيم»، فابتلع خالد السم، فقال عمرو: والله يا معشر العرب لتملكن ما أردتم؛ ما دام أحد منكم هكذا.
لم يحدث السم أثره في خالد، ولم يوعك أو يمرض أدنى مرض مع أن عمرو ابن عبد المسيح كان قد أعد هذا السم للانتحار، فلماذا خاب مفعوله مع خالد وما خاب مع أعدائه؟! ولماذا ضاع أثره مع خالد دونه من المسلمين؟! إنها شدة اليقين وقوة الثقة في القدرة الإلهية يصاحبها الاعتقاد الجازم بالتأييد الرباني، وبذا غلبت قوة اليقين ضراوة السم.