للدعاء آداب ينبغي مراعاتها ، نذكرها فيما يلي :
1 - تحري الحلال : أخرج الحافظ بن مردويه عن ابن عباس ، وقال : تليت هذه الآية عند النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا أيها الناس كلوا مما في الارض حلالا طيبا ) ، فقام سعد بن أبي وقاص فقال : يارسول الله : ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة ، فقال : " يا سعد ، أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ، والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يوما ، وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به " .
( 1 ) يعتلجان : يتصارعان ويتدافعان
وفي مسند الامام أحمدو صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس ، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين . فقال : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا . إني بما تعملون عليم ) . وقال : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) . ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ، ومطعمه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام ، يمد يديه إلى السماء : يا رب ، يا رب ، فأنى يستجاب لذلك . "
2 - استقبال القبلة إن أمكن : فقد خرج النبي يستسقي ، فدا واستسقى واستقبل القبلة .
3 - ملاحظة الاوقات الفاضلة والحالات الشريفة : كيوم عرفة ، وشهر رمضان ، ويوم الجمعة ، والثلث الاخير من الليل ، ووقت السحر ، وأثناء السجود ، ونزول الغيث ، وبين الاذان والاقامة ، والتقاء الجيوش ، وعند الوجل ، ورقة القلب . ( ا ) فعن أبي أمامة قال : قيل : يارسول ، أي الدعاء أسمع ؟ قال " جوف الليل الآخر ، ودبر الصلوات المكتوبات " . رواه الترمذي بسند صحيح . ( ب ) وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء فقمن أن يستجاب لكم " . رواه مسلم . وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة منثورة في ثنايا الكتب .
4 - رفع اليدين حذو المنكبين : لما رواه أبو داود عن ابن عباس قال : المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك ، أو نحوهما ، والاستغفار أن تشير بإصبع واحدة ، والابتهال أن تمد يديك جميعا . وروي عن مالك بن يسار أنه صلى الله عليه وسلم قال : " إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم ، ولا تسألوه بظهورها " . وروي عن سلمان ، أنه صلى الله عليه وسلم قال : " إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم ، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا " .
5 - أن يبدأ بحمد الله تعالى وتمجيده والثناء عليه ، ويصلي على النبي ، لما رواه أبو داودو النسائي والترمذي وصححه عن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو في صلاته لم يمجد الله تعالى ، ولم يصل على النبي ، فقال : " عجل هذا " ثم دعاه ، فقال له - أو لغيره - " إذا صلى ( 1 ) أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز ، والثناء عليه ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يدعو بعد بما يشاء " 6 - حضور القلب وإظهار الفاقة والضراعة إلى الله جل شأنه وخفض الصوت بين المخافته والجهر : قال الله تعالى : ( ولا تجهر بصلاتك ( 2 ) ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) . وقال : ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ) . قال ابن جرير : تضرعا : تذللا واستكانة لطاعته ، وخفية : أي بخشوع قلوبكم وصحة اليقين بوحدانيته وربوبيته فيما بينكم وبينه ، لا جهار مراءاة . وفي الصحيحين عن أبي موسى الاشعري ، قال : رفع الناس أصواتهم بالدعاء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، إنما تدعون سميعا بصيرا ، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته ، يا عبد الله بن قيس ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة ؟ لاحول ولاقوة إلا بالله " . وروى أحمد عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " القلوب أوعية ، وبعضها أوعى من بعض ، فإذا سألتم الله - أيها الناس - فاسألوه وأنتم موقنون بالاجابة ، فإنه لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل " .
7 - الدعاء بغير إثم أو قطيعة رحم : لما رواه أحمد عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من مسلم يدعو الله عزوجل بدعوة ليس
( 1 ) صلى : أي دعا . ( 2 ) صلاتك : أي بدعائك .
فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال : إما أن يعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له في الآخرة ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها . " قالوا : إذا نكثر ؟ قال : " الله اكبر " .
8 - عدم استبطاء الاجابة : لما رواه مالك عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يستجاب لاحدكم ما لم يعجل يقول : دعوت فلم يستجب لي " .
9 - الدعاء مع الجزم بالاجابة : لما رواه أبو داود عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يقولن أحدكم : اللهم اغفر لي إن شئت ، اللهم ارحمني إن شئت ، ليعزم المسألة فإنه لا مكره له " .
10 - اختيار جوامع الكلم : مثل : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار " ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك . وفي سنن ابن ماجة : أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أي الدعاء أفضل ؟ قال : " سل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة " ثم أتاه في اليوم الثاني ، والثالث ، فسأله هذا السؤال ، وأجيب بذلك الجواب . ثم قال صلى الله عليه وسلم : " فإذا أعطيت العفو والعافية في الدنيا والآخرة فقد أفلحت " . وفيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما من دعوة يدعو بها العبد أفضل من : " اللهم إني أسألك المعافاة في الدنيا الآخرة " .
11 - تجنب الدعاء على نفسه وأهله وماله : فعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تدعو ا على أنفسكم ، ولا تدعوا على أولادكم ، ولا تدعوا على خدمكم ، ولا تدعوا على أموالكم . لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة نيل عطاء فيستجاب لكم " .
12 - تكرار الدعاء ثلاثا : فعن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه أن يدعو ثلاثا ويستغفر ثلاثا . رواه أبو داود .
13 - إذا دعا لغيره أن يبدأ بنفسه : قال الله تعالى : ( ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ) . وعن أبي بن كعب قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر أحدا فدعا له بدأ بنفسه . رواه الترمذي بإسناد صحيح .
14 - مسح الوجه باليدين عقب الدعاء وحمد الله وتمجيده والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم . وقد روي مسح الوجه باليدين من عدة طرق كلها ضعيفة ، وأشار الحافظ إلى أن مجموعها تبلغ به درجة الحسن . دعاء الوالد والصائم والمسافر والمظلوم روى أحمد وأبو داود والترمذي بسند حسن ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن : دعوة الوالد ، ودعوة المسافر ، ودعوة المظلوم " . وروى الترمذي بسند حسن ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم حين يفطر ، والامام العادل ، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ، ويقول الرب : وعزتي لانصرنك ولو بعد حين "