التداوي بالخمر : كان الناس في الجاهلية قبل الاسلام يتناولون الخمر للعلاج ، فلما جاء الاسلام نهاهم عن التداوي بها وحرمه . فقد روى الامام أحمد ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، عن طارق ابن سويد الجعفي أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخمر ، فنهاه عنها ، فقال : " إنما أصنعها للدواء " ، فقال : " إنه ليس بدواء ، ولكنه داء " . وروى أبو داود ، عن أبي الدرداء ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله أنزل الداء والدواء ، فجعل لكم داء دواء ، فتداووا ، ولا تتداووا بحرام " .
( ( 1 ) يسمى هؤلاء بالمستأمنين بالتعبير الفقهي .
وكانوا يتعاطون الخمر في بعض الاحيان قبل الاسلام إتقاء لبرودة الجو ، فنهاهم الاسلام عن ذلك أيضا . فقد روى أبو داود أن ديلم الحميري سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " يا رسول الله ، إنا بأرض باردة ، نعالج فيها عملا شديدا ، وإنا نتخذ شرابا من هذا القمح نتقوى به على أعمالنا وعلى برد بلادنا ؟ قال رسول الله : هل يسكر ؟ قال : نعم . قال : فاجتنبوه . قال : إن الناس غير تاركيه . قال : " فإن لم يتركوه فقاتلوهم " . وبعض أهل العلم أجاز التداوي بالخمر بشرط عدم وجود دواء من الحلال يقوم مقام الحرام ، وأن لا يقصد المتداوي به اللذة ، والنشوة ، ولا يتجاوز مقدار ما يحدده الطبيب ، كما أجازوا تناول الخمر في حال الاضطرار . ومثل الفقهاء لذلك بمن غص بلقمة فكاد يختنق ولم يجد ما يسيغها به سوى الخمر . أو من أشرف على الهلاك من البرد ، ولم يجد ما يدفع به هذا الهلاك غير كوب أو جرعة من خمر . أو من أصابته أزمة قلبية وكاد يموت ، فعلم أو أخبره الطبيب بأنه لا يجد ما يدفع به الخطر سوى شرب مقدار معين بن الخمر . فهذا من باب الضرورات التي تبيح المحظورات