تصدر برنامجا «حجر الزاوية» و«الحياة كلمة»، اللذان يعرضان على MBC، المرتبة الأولى للبرامج الحوارية لخمس سنوات على التوالي. يتميز بالوسطية، والاعتدال، وبطريقة محببة في الوعظ والارشاد الديني، لتصل المعلومة الى طالبها بشكل مبسط وخفيف. له آلاف البحوث والإجابات والتعليقات على المواضيع الشرعية والحياتية ومستجدات العصر ومتغيراته، مفهرسة على الانترنت. أراء وقضايا وبرامج وتغير وجهات النظر، جعلت الشيخ سلمان العودة تحت الضوء بشكل مستمر. مؤخراً صدرت العديد من الفتاوى الفقهية التي حملت صبغة الاختلاف بين شيخ وآخر، وتحديداً كان العودة مثيراً للجدل في عدد من التصريحات والقضايا التي ظهرت على الساحة. من هذا المنطلق استضافته «لها» موضحاً عدداً من التصريحات، وليدلي بدلوه في كثير من المسائل التي باتت مغيبة في المجتمع السعودي والعربي.
- نشأ المجتمع السعودي بشكل خاص والمجتمع العربي عامة على رفض مسمى الزواج العرفي ليأتي تصريحك كما ورد في بعض الصحف ورداً على تساؤل من فتاة مصرية أنه جائز شرعاً، فما هي الحقيقة؟
لا أوافق ولا أتمنى أن يكون حضوري الثقافي والاجتماعي هو بسبب الجدل الذي يدور حول مسألة أو أخرى. لست هاوياً للجدل ولا للإثارة، مهمتي صناعة تراكم هادئ وفعّال يحدث تغييراً لدى المتلقي نحو الأفضل وتطبيع الاختلاف في ما من شأن الناس أن يختلفوا فيه.
أما ما يتعلق بالزواج العرفي فقد ذكرت أنه يطلق على نوعين من العقود:
النوع الأول: عقد زواج بموافقة الولي والشهود أو الإعلان، ولكن يفتقر إلى التوثيق الرسمي القانوني. فهذا عقد صحيح، مع تحذيري للفتيات من ضياع حقوقهن بسببه.
النوع الثاني: علاقة ثنائية وفتاة تهب نفسها لصديقها تحت مسمى الزواج العرفي دون ولي ولا شهود ولا إعلان، وهذا باطل لا يجوز.
- ما الفرق بين الزواج العرفي والمسفار والمسيار وزواج «الفرندز» اذا كانت كلها تحمل العقد الرسمي وعليه شهود؟
تعدد الأسماء لأنواع الزواج لا يدل على اختلاف واسع بينها، فغالبها تتفق على المبدأ الكلي للعقد، بالتراضي بين الطرفين، وموافقة الولي، ومعرفة الأسرة، وتختلف في شروط أو تنازلات تتحملها المرأة غالباً بحكم ظروفها، كأن تتنازل عن النفقة أو عن القسم والمبيت، أو عن إعلان الزواج.
وقد تختلف بحسب نية الزوج، فإن كان يعتبره «زواجاً عابراً» سمي زواج المصياف أو المسفار أو ما شابه، وهذا سبب اختلاف الفقهاء في حكمه بين من ينظر إلى العقد فيراه عقداً شرعياً صحيحاً مكتمل الشروط، وبين من يعتبر النية المبيتة، والتي قد تكون مضمرة بين الطرفين عرفاً ولم ينطق بها فيتجه الى التحريم، لأنه يشبه زواج المتعة، ولأن الزواج ميثاق مقدس لا يجوز أن يكون عرضة للتلاعب والعبث.
- هناك من وجد في إباحتك للزواج العرفي تصريحاً للفتيات والشباب للارتباط دون إذن الدولة ضاربين بالقوانين عرض الحائط، فما رأيك؟
القول بصحة العقد إذا توافرت فيه الشروط لا إشكال فيه، ويبقى: هل إذن ولي الأمر أو توثيق العقد شرط لصحته؟
الذي يظهر أن ذلك ليس شرطاً للصحة، لكنه خير وأفضل لكي تضمن الفتاة حقوقها عند الاختلاف أو الانفصال، ولإعطاء العقد جديته ومصداقيته عند الزوج.
- هل ضاعت قدسية الزواج بين أنواعه المختلفة والتي باتت مشرعة في الفترة الأخيرة؟
سمى الله العقد الزوجي بـ «الميثاق الغليظ» مما يدل على رسوخه في ربط روحين وجسدين حاضراً ومستقبلاً، ولذا فالزواج علاقة عقل وقلب وروح وجسد وحاضر ومستقبل. الزواج شراكة ندية رائعة، تتشابك فيها الأيدي لقطع مشوار الحياة بأمل وتفاؤل وتعاون.
على أنني أدرك أن الظروف تتفاوت، وليس كل الناس يحلمون بالصورة الجميلة، فتكون بعض الزيجات حلاً لمشكلة أو تخفيفاً لمعاناة، أو ارتكاباً لأخف الضررين.
- نعرف أن في الاختلاف رحمة، ولكن ألا تجد أن العصر الحالي لا يحتمل مثل هذه الاختلافات التي تفتح باباً جديداً للفرقة بين المسلمين؟
على العكس تماماً، أرى العصر فرصة لتطبيع الاختلاف المدروس المبني على فهم صادق للشريعة، وإدراك واع لمتغيرات العصر.
يحتاج الناس إلى تدريس الأخلاق التي يجب أن يعتصموا بها عند الخلاف، لئلا يتحول إلى اصطفاف وتهارش وتراشق وتخندق، ووسائل الإعلام تتحمل مسؤولية في صناعة مثل هذا الوعي، كما يتحملها قادة الفكر خاصة حين يقع الاختلاف بينهم فلا يجوز أن يطيحوا القيم التي يتحدثون عنها حين يتعلق الأمر بهم.
- ألا تخشى الانقلاب ضدك من قبل المختلفين معك في الرأي؟
حين تعرف أن هناك من سيعارضك قبل أن تقول، هناك من سيستفيد مما تقول وآخر سينتقدك بكل اعتدال، فهؤلاء كلهم يخبرونك بكل وضوح بأن خطابك مسموع موجود مؤثر لدرجة أنهم يضطرون للحديث عنه، وذلك كله لن يكون مثبطاً عن العطاء بل سيكون دافعاً رئيساً. عداتي وصحبي لا اختلاف عليهم ... سيعهدني كلٌ كما كان يعهدُ. تعلمت من الأصدقاء والأعداء على حدٍ سواء! تعلمت منهم جميعاً أني موجود فعلاً وإلى الآن ، لم أدفن!
كَم قَد قُتِلتُ وَكَم قَد مُتُّ عِندَكُمُ
ثُمَّ اِنتَفَضتُ فَزالَ القَبرُ وَالكَفَنُ
ما كُلُّ ما يَتَمَنّى المَرءُ يُدرِكُهُ
تَجري الرِياحُ بِما لا تَشتَهي السُفُنُ
لكن لغاتهم اختلفت فالذي يصرخ لي من بعيد يستفزه ما أقول، والذي يهمس لي من قريب يعجبه ما أقول، وكلهم يخبرونني بلسان الحال أني ينبغي أن أستمر وأتحدث وأعطي حسب ما تقوى يدي الضعيفة ولساني.
سأستمع بكل إنصات لكل من يقول وسأستفيد من من يحب أو يكره، أما النوايا فهي على الله (مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ)(الأنعام: من الآية ٥٢).