كفانا بالموت واعظاً

كفانا بالموت واعظاً





استخلاص العبر والتعلم من تجارب الحياة هي مصطلحات نتغنى بها بل ونقولها من ضمن ما نتفوه به يوميا من نصائح وقواعد نود إيصالها لأبنائنا وبناتنا بل وأحياناً لمختلف شرائح المجتمع.






فما إن يمر أي منهم في مشكلة حتى ننصحه باستخلاص العبر وما إن يقع في مطب حتى نذكره بأنها تجربة له أن يتعلم منها , وما ان يخيب ظنه بشخص حتى نقنعه بأنها عارضة سوف تقويه , وربما ان كل هذا هو ما نقوله لانفسنا ايضا ونرسخه في ذواتنا حتىّ بتنا مقتنعين به.

ولكن يا ترى ماذا تقولين لنفسك أختي وماذا تقول لنفسك أخي حين تقرأ خبر وفاة....وفاة بعيد ...وفاة قريب...حادث طرق...حادث تراجيدي...مرض عضال,,,تعدّدت الأسباب وتنوعت الملابسات والمناسبات ,,وأختلفت الأعمار...ولكن...ولكن الموت واحد .

هل جرّبت أن تتخيل ذلك الإنسان الذي توفي وانقطع عن الحياة وعن العطاء وعن العبادة ما عساه يفعل الآن؟,هل جرّبت أن تضع نفسك مكانه ؟ أن تتخيل بأنّك أنت من مات...وأنت من نادى المنادي بالناس للصلاة عليه بالمسجد...وأنّك أنت من...من تحوي جسده جدران قبر, ما هو وسعه يا ترى...متر؟ أم ربما أكثر...ولكن بكم أكثر...بمتر آخر؟؟؟ وحين يغلق عليك كيف عساك ستشعر؟!

هل تخيلت نفسك تتمنى أن يؤذن لكّ بحسنة واحدة ,أن يؤذن لك بصلاة ركعتين, أو أن تقول لا اله الاّ الله فلا يؤذن لك , فتبقى في حسرة وندامة,, وحينها تتعجب من الأحياء كيف يضيعون أيامهم في الغفلة والبطالة؟!!!

قد كان عمرك ميلاً**********فأصبح الميل شبراً

وأصبح الشبر عقداً********* فاحفر لنفسكَ قبراً

ولكن ...أفق الآن من الخيال وعد إلى رشدك , استشعر الراحة لأنّك قد نلت فرصة من الخالق وأطال في عمرك, فماذا أنت بفاعل؟ هل ستبقى في غفلتك ؟ هل ستعود لتستزيد من الدنيا تنافس فيها على مال وجاه وتنسى آخرتك؟ هل ستعود لتخاصم صديقك وتعادي قريبك وتحارب ابن بلدك من أجل منصب, مبلغ مال, أرض , أو بيت واسع أو حتى قصر... وتنسى طول وعرض قبرك؟ أم ستصرف نظرك للاستعداد للآخرة وتحضير الزاد للرحيل لدار القرار ؟ هل ستنقي قلبك ...هل ستصفي نيتك..هل ستترك غرورك .وهل ستصون لسانك ..؟ أم سيبقى الغل يسكن نفسك فلا ترتاح ولا تستكين , والتواضع لا يعرف إليك سبيل... ويبقى الحقد يلف وجدانك والحسد يأخذك إلى استعمال اللسان أسوأ استعمال ؟

إن ظواهر القبور تراب ...وبواطنها حسرات وعذاب , فلا تأخذكم الدنيا فتعمّروها وهي موشكة بكم إلى الزوال , ولا تخرّبوا الدار التي أنتم اليها منقلبون لا محالة , وبها مستقرون , إذ هي مستودع الأعمال.

فيا عماّر الدنيا....كفانا بالموت واعظاً .

(الأبيات الشعرية وبضع جمل من الفقرتين الأخيرتين مُقتبسه)

بارك الله فيك

شكرا للمتابعه والردود الجميله جزيت خيرا