أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (213
هـ-15 رجب 276 هـ/828
م-13 نوفمبر899
م) أديب فقيه محدث مؤرخ عربي. له العديد من المصنفات أشهرها عيون الأخبار،
وأدب الكاتب وغيرها.
يعتقد أنه ولد في الكوفة ونشأ في بغداد، وتعلم فيها على يد مشاهير علمائها، فأخذ الحديث
عن أئمته المشهودين وفي مقدمتهم إسحاق بن راهويه، أحد أصحاب الإمام الشافعي،
وله مسند معروف. وأخذ اللغة والنحو والقراءات على أبي حاتم السجستاني، وكان إمامًا كبيرا
ضليعا في العربية، وعن أبي الفضل الرياشي، وكان عالما باللغة
والشعر كثير الرواية عن الأصمعي، كما تتلمذ على عبد
الرحمن ابن أخي الأصمعي، وحرملة بن يحيى،
وأبي
الخطاب زياد بن يحيى الحساني، وغيرهم.
بعد أن اشتهر ابن قتيبة وعرف قدره اختير قاضيا لمدينة الدينور من بلاد
فارس، وكان بها جماعة من العلماء والفقهاء والمحدثين، فاتصل بهم، وتدارس
معهم مسائل الفقه والحديث. عاد بعد مدة إلى بغداد، واتصل بأبي الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان وزير الخليفة المتوكل، وأهدى له كتابه أدب
الكاتب. استقر بن قتيبة في بغداد، وأقام فيها حلقة للتدريس ومن أشهر
تلاميذه: ابنه القاضي أبو جعفر أحمد بن قتيبة، وأبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه، وعبيد
الله بن عبد الرحمن السكري، وغيرهم.
قال عنه ابن خلكان في وفيات الأعيان: «كان فاضلاً
ثقة، سكن بغداد وحدث بها عن إسحاق بن راهويه وأبي إسحاق إبراهيم بن سفيان
بن سليمان بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن زياد بن أبيه وأبي حاتم السجستاني ... وتصانيفه كلها
مفيدة».
مؤلفاته
* تأويل غريب القرآن (طبع بتحقيق السيد أحمد صقر).
* غريب الحديث.
* عيون الأخبار ويعد من أهم كتب الادب.
* الإمامة و السياسة.
* مشكل القرآن.
* مشكل الحديث.
* تأويل مختلف الحديث.
* عبارة الرؤيا.
* كتاب المعارف.
* الأشربة.
* إصلاح الغلط (وهو إصلاح غلط أبي عبيد).
* كتاب التقفية.
* كتاب الخيل.
* كتاب إعراب القراءات.
* كتاب الأنواء.
* كتاب المسائل والأجوبة.
* كتاب الميسر والقداح وغير ذلك.
* الشعر والشعراء.
* كتاب المعاني الكبير.
* أدب الكاتب
*
اقتباس
من مقدمة عيون الأخبار
"وسينتهي بك كتابنا هذا إلى باب المزاح والفكاهة وما روي عن الأشراف
والأئمة فيهما، فإذا مر بك أيها المتزمت حديث تستخفه أو تستحسنه أو تعجب
منه أو تضحك له فاعرف المذهب فيه وما أردنا به. واعلم أنك إن كنت مستغنيًا
عنه بتنسكك فإن غيرك ممن يترخص فيما تشددت فيه محتاج إليه، وإن الكتاب لم
يعمل لك دون غيرك فيُهيًّأ على ظاهر محبتك، ولو وقع فيه توقي المتزمتين
لذهب شطر بهائه وشطر مائه ولأعرض عنه من أحببنا أن يقبل إليه معك. وإنما
مثل هذا الكتاب مثل المائدة تختلف فيها مذاقات الطعوم لاختلاف شهوات
الآكلين. "وإذا مر بك حديث فيه إفصاح بذكر عورة أو فرج أو وصف فاحشة فلا
يحملنك الخشوع أو التخاشع على أن تصعر خدك وتعرض بوجهك، فإن أسماء الأعضاء
لا تؤثم وإنما المآثم في شتم الأعراض وقول الزور والكذب وأكل لحوم الناس
بالغيب ... فتفهم الأمرين وافرق بين الجنسين.
"ولم أترخص لك في إرسال اللسان بالرفث على أن تجعله هجيراك على كل حال
وديدنك في كل مقال، بل الترخص مني فيه عند حكاية تحكيها أو رواية ترويها
تنقصها الكناية ويذهب بحلاوتها التعريض، وأحببت أن تجري في القليل من هذا
على عادة السلف الصالح في إرسال النفس على السجية والرغبة بها عن لبسة
الرياء والتصنع. ولا تشعر أن القوم قارفوا وتنزهت وثلموا أديانهم وتورعت.
"وكذلك اللحن إن مر بك في حديث من النوادر فلا يذهبن عليك أنا تعمدناه
وأردنا منك أن تتعمده، لأن الإعراب ربما سلب بعض الحديث حسنه وشاطر النادرة
حلاوتها ... ألا ترى أن هذه الألفاظ لو وفيت بالإعراب والهمز حقوقها لذهبت
طلاوتها ولاستبشعها سامعها وكان أحسن أحوالها أن يكافئ لطف معناها ثقل
ألفاظها."