افتراضي لا تقتل نغسك
صرخة من صرخات الضمير ونبضة من نبضات القلب ورسالة حب تخترق الحجب وتجوب البلاد أرسلها إليك لأقول: لماذا؟ لماذا تقتل نفسك ؟ لماذا تنتحر ؟
لماذا تجعل نفسك عبدا ذليلا لمخدر فاقدا للسيطرة، فاقدا للتحكم، لا تستطيع أن تتخلى عنه؟ لماذا تدمر صحتك ولماذا تهدر مالك وتخسر أحبتك وفوق كل هذا تخسر دينك واحترامك لذاتك؟ أجبني لماذا تسلمه نفسك ليلغي عقلك ويطمس شخصيتك ويجفف منابع الخير في قلبك؟ ليجعلك طوع أمره ترتكب المحرمات وتقترف المنكرات، هل نفسك رخيصة لديك إلى هذا الحد حتى تقودها إلى السجن أو الجنون أو الموت؟ أجبني لماذا تنتحر؟ هل تعتقد أن هذا دلالة الرجولة والحرية؟ هل الرجولة والحرية أن تدمر نفسك وتهدم أسرتك؟ أم الرجولة أن تبني نفسك وتبني بيتك وأسرتك؟ هل الرجولة والحرية أن تكون ضعيفا لا تستطيع مقاومة فضول الإدمان؟ أم أن تكون قويا تضبط نفسك وتقودها أنت لا تقودك هي؟ هل الرجولة أن تفقد بالمخدر الإرادة؟ أم الرجولة أن يكون لديك إرادة؟ هل الرجولة أن تصبح عالة على أسرتك والمجتمع تسرق وتنهب من أجل المخدر؟ أم الرجولة أن تعتمد على نفسك وتبني أسرتك ومجتمعك؟ هل الرجولة أن تهتك عرضك وتعتدي على محارمك تحت تأثير المخدر؟ أم الرجولة هي النخوة والغيرة والمروءة؟ هل الرجولة أن تجلب العار لنفسك ولأسرتك ولعائلتك ومجتمعك أم الرجولة هي الوفاء وشكران الجميل؟ هل الإقدام على شيء تعرف مسبقا أن سيدمرك ويدمر أسرتك ومالك وكل شيء ولو على سبيل التجربة شجاعة وجسارة وقوة؟ أم تهور وطيش وضعف وعدم تقدير وفهم وتحمل للمسؤولية؟ هل الغني هو من معه مال يقتل به نفسه؟ أم الغني هو الغني بدينه وخلقه ومبادئه وذاته وشخصيته؟ هل إهدار المال في تحطيم الصحة دلالة الغنى والوجاهة؟ أم الوجيه من يعلم أين يضع ماله وفيما ينفقه وكيف يحسن التصرف فيه؟ لماذا تقتل نفسك؟ لماذا تنتحر؟ هل ذلك مجاراة لأصدقائك؟ هل يا ترى الصديق الذي يجعلك تحطم نفسك يحبك؟ هل هو جدير بك ويستحقك؟ هل هو وفي أم خائن؟ صديق أم عدو؟ أم تراه شيطانا حقودا يريد أن يضيعك كما ضاع هو؟ ويحطمك كما تحطم؟ إن الصديق الحقيقي هو من يحبك ويخاف عليك، إن الصديق الحقيقي هو من يتمنى لك الخير ويساعدك أن تبني نفسك ويدفعك إلى الحق لأنه يريد لك السعادة لا التعاسة، فليكن هذا هو من تختاره لأنه جدير بك، هل يا ترى صاحب الشخصية القوية هو من يستجيب لأصدقائه ويسير وراء رغباتهم؟ أم أن صاحب الشخصية القوية هو من يستطيع أن يقول لا عندما يقدونه إلى الهلاك؟ هل صاحب الشخصية القوية من ينشر الخير يؤثر في الناس ويدفعهم إليه؟ أم هو الذي يسير ورائهم حيث ساروا ؟ يتحكمون فيه ويوجهونه حيثما أرادوا؟ من هو صاحب الشخصية القوية ؟ هل هو الذي يتحكم في نفسه ولديه قوة وإرادة أم هو ذاك ممسوخ الإرادة ضعيف القوة يلعبون به كما أرادوا؟ كالكرة يتقاذفونها حيث شاءوا؟ لماذا تقتل نفسك؟ لماذا تنتحر؟ من أجل البطالة؟ هل ظللت تتعلم عشرين عاما فلما تخرجت لم تجد عملا؟ يا ترى كيف ستعيش؟ كيف ستتزوج؟ كيف ستبني أسرتك؟ يا له من مستقبل مظلم! هل أصابك الإحباط وشعرت بالفشل؟ عذرا أخبرني أولا ما هي قيمة الإنسان وأين تكمن؟ هل قيمة الإنسان بالمال أم بالوظيفة؟ من هو أعظم إنسان في هذا الكون؟ أليس هو النبي محمد؟ ماذا يا ترى كان عمله؟ عمل خير من مشى على الأرض، لقد كان راعيا للأغنام وكذا كان الأنبياء، فهل رعي الغنم عيب ونقص في حق النبي؟ هل قلت قيمة الأنبياء لأنهم كانوا رعاة أغنام؟ أنا لا أقول لك هيا اذهب وارع الغنم و إنما أقول لك أن قيمة الإنسان ليست في الوظيفة، فما المانع أن تتخرج من كلية الطب وتعمل بالتجارة؟ وما المانع من أن تتخرج من كلية التجارة وتعمل في أي حرفة أو عمل حلال؟ لماذا يلزم أن تعمل بالشهادة التي حصلت عليها؟ أليس هذا أفضل من أن تكون عالة تجلس على المقاهي وتشرب الحشيش؟ أليس هذا أفضل من أن تقتل نفسك وتدمر صحتك؟ نعم ربما ستبدأ صغيرا ولكن ستنمو وتنمو مع مرور الوقت، أما إن سلمت نفسك للمخدر فستظل تنحدر وتنحدر حتى تموت، إن قيمة الإنسان ليست في ماله ووظيفته و إنما في دينه وخلقه ومبادئه واحترامه للناس واحترام الناس له، قيمته من أن يبدأ صغيرا ثم يطور نفسه وينميها بالحلال ويبنيها حتى يصبح كبيرا، غير أفكارك ونظرتك للحياة، تواضع واقبل بأي عمل مادام حلالا وإن كان دخله قليلا فغدا سينمو والله هو الرزاق ولن تموت نفس حتى تستوفي أجلها ورزقها فأجمل في الطلب وتوكل على الله حق التوكل يرزقك كما يرزق الطير تغدو خماصا جياعا وتعود بطانا ممتلئة . لماذا تقتل نفسك؟ لماذا تنتحر؟ هل تفعل ذلك هروبا من المشاكل؟ هل إدمانك سيحل المشكلة أم تراه سيجلب عليك مشاكل ومصائب أكبر؟ فتدخل في دائرة مشاكل لا نهاية لها، لا تظن أبدا أنك ستجد السعادة وتتخلص من المشاكل بمعصية الله، {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه :124] هل حل المشاكل بالانتحار؟ لماذا تنتحر؟ أليس لك رب؟ أليس ربك على كل شيئ قدير؟ أم أنه عاجز؟ أليس هو من يدبر كل شؤون الخلق ويتحكم في الكون؟ أليس رحمانا رحيما؟ من هذا الذي توكل على الله فخاب؟! من هذا الذي توكل عليه فضاع؟! من هذا الذي توكل عليه فخذله؟! لماذا لا تعلن عجزك وفقرك لربك؟ لماذا لا تصرخ أنا عاجز عن حل مشاكلي، عاجز يا الله، أنا إنسان ضعيف وأنت رب العالمين وعلى كل شيئ قدير فارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين، لماذا لا ترفع يدك وتدعوه وتبكي وتصرخ وتسجد وتخشع وتقول: لا حول ولا قوة لي على حل مشاكلي ومصائبي إلا بك يا أرحم الراحمين يا جواد يا كريم، لماذا؟ والله إنها السعادة الحقيقية، إنها السعادة الدائمة لا الوهمية، إنها سعادة الدارين، إنها لذة الإيمان، لذة الروح والجسد معا، عندما تعلنها صريحة قوية، تعلن عبوديتك وفقرك واحتياجك لرب العالمين، عندما تقوم في جوف الليل تصلي ركعتين، وتبكي وتصرخ برحمتك أستغيث ، عندما تذهب إلى المسجد وتصلي الفجر وتسمع القرآن الذي تحضره الملائكة، عندما تدخل بيت الله، بيت الرحمن الرحيم ملك يوم الدين، وتحتمي بحماه وتلوذ بجنابه وتئوب إليه وتأوي، جرب ستجد الراحة والطمأنينة والأمن والحب، ستجد السعادة الحقيقة لا الوهمية، ستشعر أن الكون كله لك وتحت أمرك حقا لا خيالا، وكيف لا وأنت عبد لرب الكون، لرب العالمين؟ جرب فمن هذا الذي تقرب منه فجفاه؟ ومن هذا الذي طرق بابه فأبعده وأقصاه؟ من هذا الذي خشع له وخضع فلم يحبه ويرحمه ويرضى عنه ويرفعه ويسعده؟ جرب فإن ربك شكور جميل رحمن رحيم، أرجوك جرب حتى لا تخسر أرجوك. أيها الشباب أنتم لستم كما مهملا ولا شيئا تافها لا قيمة له، بل أنتم عماد هذه الأمة، وأنتم ساعدها ونبض قلبها، أنتم رجالنا وأنتم آمالنا وأنتم بناة حضارتنا وحماة أوطاننا، ما يسعدكم يسعدنا وما يؤلمكم يؤلمنا، يا شباب الإسلام، لقد عرف أعداء الدين أنكم أهم فئات المجتمع ورأس هذه الأمة، فأرادوا أن يقطعوكم ليقطعوها ويهلكوكم ليهلكوها ويدمروكم ليدمروها، فإن تركتموهم يطعنوكم فإنكم بذلك تتركوهم ليطعنوا قلب الأمة، لأنكم أنتم قلبها وذخيرتها وأغلى ما عندها، با الله عليكم لا تتركوهم يقتلوكم ويدمروكم، لا تتركوهم يحطموكم، فنحن نحبكم ونحتاج إليكم ونريدكم. أخي في الله: أرجوك لا تقتل نفسك فنحن نحبك، أرجوك لا للإدمان وتذكر. {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} [النساء:29] فسك نحن نحبك
تحياتي