منتدي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدي

منتدي تعليمي، ترفيهي، اجتماعي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الجديدالجديد  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 تأملات في حسن الظن بالله

اذهب الى الأسفل 
+2
محمد عطية
نور الدين
6 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
نور الدين
نائب المدير

نائب المدير
نور الدين


عدد المساهمات : 5431
الجنس : ذكر
تاريخ التسجيل : 26/04/2010

تأملات في حسن   الظن  بالله Empty
مُساهمةموضوع: تأملات في حسن الظن بالله   تأملات في حسن   الظن  بالله Icon_minitimeالأربعاء 01 سبتمبر 2010, 2:57 am

تأملات في حسن الظن بالله
أوراق من دفتر سجين
للشيخ الفاضل أبومحمد المقدسي - حفظه الله -
بسم الله الرحمن الرحيم
(( وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا ))

آية في كتاب الله تأملتها ووقفت عندها طويلا .. وحق لي أن أقف ..

وذلك قوله تعالى في سورة الشورى : (( وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد ))

فشاهدت في مخيلتي حال الناس وجزعهم على أنفسهم وذراريهم وأنعامهم وحرثهم ، وقد جف الضرع وماتت الأرض وسط رمضاء محرقة وقيظ قاتل وجفاف شديد ..

وقد رغبوا إلى الله وضجوا بالدعاء حتى تقطعت بهم الآمال ، وأيقنوا بالبوار والهلاك ..وإذا بالغيث يفجؤهم من السماء مدرارا ناشرا آثار رحمة الله في فجاج الأرض وشعابها ؛ لتحيى الأرض والنفوس والأرواح ! بعد يأسها وموتها ..

وكم هو جميل أن تختم الآية بإسمي الله (الولي الحميد) فهو سبحانه ولي العباد وحده , الذي تكفل بهم وتولى أمرهم في كل آن .. ولذلك كان وحده المستحق للحمد في كل حال ..

وكل ولي سواه فقد ينسى أو يضل أو يفرط أو يغفل ..

أما ( الولي الحميد ) فلا يضل ربي ولا ينسى ، سبحانه لا تأخذه سنة ولا نوم .. هو الحي القيوم .. ولذلك فإن كل من تولاه فإنه سيجده – ولا ريب – نعم المولى ونعم النصير .. ينشر رحمته لأوليائه في كل آن وفي كل مكان .. حتى في أضيق الأماكن وأحرج الساعات ..

ويمر في مخيلتي موكب الصالحين وقوافلهم السالكة السابقة في عمق الزمان ..

- فأتذكر إبراهيم الخليل وقد أحاط به قومه من كل جانب يتهمونه بكسر آلهتهم ويقرّرنه بذلك ويخوفونه ، فيجيبهم بثبات المحسن الظن بوليه ، كثبات الجبال أو أشد .. (( أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون * وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أن أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطان فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون ))

أي الفريقين أحق بالاطمئنان والأمن وحسن الظن بمولاه ؟ من كان وليه جبار السموات والأرض الذي بيده ملكوت كل شيء ؟ أم من كان أولياؤه شركاء متشاكسون متفرقون لا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم ضرر ولا نفعا ؟ ويأتي الجواب واضحا حاسما : (( الذين أمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم )) أي : بالشرك .. (( أولئك لهم الأمن وهم مهتدون )) .

فالأمن والأمان والاطمئنان الذي هو من آثار حسن الظن بالله ، كل ذلك من ثمرات التوحيد .. وأتخيل قومه وقد أحتملوه بين أيديهم وقذفوه في وسط الحميم ، فلا يزيد بقلبه المطمئن الواثق بمولاه إلا أن يقول : (( حسبنا الله ونعم الوكيل )) .

- ثم أتذكر زوجه المباركة التي تركها مع صغيرها في واد غير ذي زرع وقفى دون أن يلتفت وراءه وهي تناديه .. يا إبراهيم .. يا إبراهيم .. لمن تتركنا في هذا المكان ..؟ ثم تستدرك بعد أن تعجب من إصراره ومضيه دون أن يلتفت إليها .. فتقول : آلله أمرك بهذا ؟ فيقول : نعم .

فتجيب بثقة وحسن ظن بمولاها : ( إذن لا يضيعنا ) !! فلله در الزوج ولله در زوجه ..

- وأستذكر في تلك القافلة الكريمة نوح في عمق الزمان وهو يقف وحيدا فريدا في وجه قومه يتحداهم وهو الفريد الغريب ، ولكن المتأمل لكلماته يعلم عظم ثقته بمولاه وحسن ظنه بنصره تعالى : (( واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون )) .

- ومن بعده هود يواجه أعتا جبابرة الأرض الذين وصفهم الله تبارك وتعالى بالقوة ، ويقف في وجههم يقول بثقة المطمئن إلى نصر وليه المحسن الظن به ، وبأنه لن يخذله : (( قال إني اشهد الله واشهدوا أنى بريء مما تشركون من دونه فكيدون جميعا ثم لا تنظرون إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ))

- وأتذكر الفتية الكرام الذين أحسنوا الظن بمولاهم فخالفوا القريب والبعيد في سبيل مرضاته ففارقوا أقرب الناس فرارا إلى وليهم سبحانه ، من الشرك والفسوق والعصيان ..

واستبدلوا لأجل مرضاته ضيق الكهف بسعة العيش الرغيد ، فما كان إلا أن وسعه الله عليهم بما نشر لهم فيه من رحمته ((فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا ))

وأتأمل قوله تعالى (( ينشر لكم ربكم من رحمته )) فأعلم أن رحمة الله واسعة إذ بعضها أو قدر معلوم عند الله منها ؛ يكفي ليجعل ذلك الكهف أو ذلك السجن أو تلكم الزنزانة جنة أو روضة من رياض الجنة ..

وأرجع بذاكرتي إلى الآية الأولى فأتذكر كيف ينشر الله رحمته على العباد في الفضاء الرحب بإنزال الغيث بعدما قنطوا .. وكيف ينشر رحمته على الفتية في كهف خشن ضيق مظلم فيغدوا كالفضاء الرحب الفسيح .. فأسبح وأعظم مولاي ..

إنها معاملة الولي الحميد لأوليائه الذين وثقوا به ثقة من أحسن الظن به ، وعدمت تهمتهم له ، وصدّق بوعده ووثق بضمانه ، وسكن قلبه عن الاضطراب فهو مطمئن إليه ..

ولذلك يقول سبحانه وتعالى كما في الحديث القدسي الذي يرويه البخاري ومسلم. . ( أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه حين يذكرني ، إن ذكرني في نفسه ، ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ هم خير منهم ، وإن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا ،وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة ) فتأمل ما أرحمه وما أعدله من مولى .. (أنا عند ظن عبدي بي ) ..

فمن ظن بمولاه ظن السوء أنه خاذله وأنه مسلمه فسينال بعدل الله عقوبته على ذلك حسرة وخذلانا ..

ومن أحسن ظنه بمولاه وعلم أنه نعم المولى ونعم النصير ، ونزهه وسبحه عن أن يشبهه بسائر الأولياء المتفرقين ؛ الذين يخذلون أتباعهم ويغفلون عنهم وينسونهم ويضلونهم فكل منهم بئس المولى وبئس العشير ..

من نزه مولاه عن نقائصهم وعظمه سبحانه وأحسن الظن به وتوكل عليه حق التوكل فهو كافيه وحسيبه .. (( ومن يتوكل على الله فهو حسبه )) ..

والحسيب : الكافي ، وحسبنا الله : أي كافينا وحده سبحانه .

وبقدر ما يكون العبد حسن الظن بالله حسن الرجاء له ، صادق التوكل عليه فإن الله لا يخيب أمله البتة ، فإنه سبحانه لا يخيب أمل آمل ولا يضيع عمل عامل ..

ولذلك قالت أمنا خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما رجع من حراء يرجف فؤاده بعد أول لقاء له بالملك ..

قالت : ( كلا والله ، لا يخزيك الله أبدا ؛ إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين عن نوائب الحق ) .

فأقسمت رضي الله عنها أن الله لا يخزيه أبدا إحسانا منها بالظن بالله عز وجل في عادته سبحانه وتعالى مع عباده المحسنين .

وقد قرر الله تبارك وتعالى في كتابه (( إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون )) .

فحق لمن كان من المؤمنين أن يربأ بنفسه عن سبيل الكافرين ، فيحسن ظنه بالله في شؤون دنياه وأخراه .. وإذا كانت الآيه الأولى ظاهرها في أمور الدنيا ..

فقد قال تعالى في أمور الآخرة : (( قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم )) .

فهذه كما نص العلماء أرجى آية في كتاب الله سبحانه ، لاشتمالها على أعظم بشارة فإنه سبحانه أضاف أولا العباد فيها إلى نفسه لقصد تشريفهم ومزيد تبشيرهم ، فهو وليهم الحميد الذي لا يخذلهم إن أحسنوا الظن به ولاذوا بجنابه ، وأناخوا مطاياهم ببابه ، ثم عقب ذلك بنهيهم عن القنوط من الرحمة .. ثم بين لهم سبحانه بأوضح عبارة بأنه يغفر الذنوب جميعا لمن أناب إليه ..

فيا لها من بشارة تقر بها عيون الموحدين ، وترتاح لها قلوب المؤمنين المحسنين ظنهم بربهم ووليهم ، الصادقين في رجائه ، الخالعين لثياب القنوط ولسوء الظن بمن لا يتعاظمه ذنب ولا يبخل بمغفرته ورحمته على عباده ، المتوجهين الملتجئين المنيبين إليه ..

ولذلك قال تعالى بعد هذه الآية مباشرة : (( وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم .. ))

فإذا كان إحسان الظن بالله عند الإقبال عليه بين يدي الموت ، هو الاطمئنان إلى وعده للمؤمنين ، والوثوق بمولاه أنه غير خاذله ولا مضيع عمله وإحسانه في سالف الأيام .. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يموتن أحدكم إلا وهو حسن الظن بالله تعالى ) رواه مسلم وأبو داود .

فإحسان الظن بالله تعالى في حياة المرء كما نبهت الآيات في أعلاه ، تقتضي الإنابة واللجوء إليه والفرار بالأعمال الصالحة إلى مرضاته .. ومفارقة سبيل وطريق الذين أساؤوا ظنهم بربهم فعصوه ..

وهذا هو الفرق بين ( التمني على الله )الذي هو سبيل من عصوه سبحانه وتعالى ..

وبين ( إحسان الظن بالله ) الذي هو سبيل المؤمنين .

- فالتمني يكون مع العجز والكسل واتباع النفس للهوى ، وعدم سلوكها طريق الجد والاجتهاد والتوبة والإنابة والعمل ، ثم يتمنى على الله الأماني .

وأما حسن الظن المحمود والرجاء الشرعي ، يكون مع بذل الجهد وحسن التوكل على الله .

فالأول كحال من يتمنى إن تكون له أرض يبذرها ويحصدها دون ان يحرك ساكنا أو أن يكلف نفسه عملا .. أو كمن يتمنى إن يكون له أولاد دون أن ينكح ؛ والثاني يشق أرضه ويفلحها ويبذر حرثه ثم يرجوا طلوع الزرع طيبا يافعا .. ولهذا أجمع العارفون على أن الرجاء وحسن الظن لا يصح إلا مع العمل .. وقد تقدمت كلمات أم المؤمنين رضي الله عنها الدالة باستقرائها وتجربتها أن الله لا يخزي من عمل صالحا أبدا .

فلكي يكون حسن الظن بالله حاديا يحدي القلوب إلى بلاد المحبوب ، ويطيب للسالك السير ويسهله لبلوغ الدار الآخرة ، فلا بد من اقترانه بالعمل ، وقد أكثر الصالحون من ذكر حسن الظن بالله ، وجميع مقالاتهم ترمي إلى هذا الشرط ، فروى ابن أبي الدنيا في كتاب " حسن الظن بالله تعالى " بإسناده عن علي بن بكار أنه سأل عن حسن الظن بالله تعالى فقال : ( أن لا يجمعك والفجار في دار واحدة ) يقصد النار دار البوار ..

ولازم ذلك وشرطه ان لا يجمعك بهم في دار الدنيا عمل سوء أو نهج ضلال ، أو دار فسق وفجور ، فمن فاصل أعداء الله في الدنيا وقاطعهم وعاداهم ونأى بنفسه ونهجه عنهم ، فإنه لقمن أن يحسن الظن بأن مولاه منجيه من مصيرهم وعذابهم ، مفرق بينه وبينهم في الدار الآخرة كما فارقهم في دار الدنيا ..

وإلا فقد قال تعالى متوعدا من خالف ذلك وكان قعيدهم وجليسهم وشريكهم في باطلهم بقوله تعالى : (( إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا )).

وعن سليمان بن الحكم بن عوانة أن رجلا دعا بعرفات فقال : ( لا تعذبنا بالنار بعد أن أسكنت توحيدك قلوبنا .. ثم بكى ، وقال : وما إخالك تفعل بعفوك ، ثم بكى وقال : وإن فعلت فبذنوبنا .. لا تجمعن بيننا وبين قوم ظالمين عاديناهم فيك ) أهـ 264 من التخويف من النار لابن رجب .

فمن عادى أهل الباطل في الدنيا وباين طرائقهم ونهجهم ، فإنه لقمن أن يلقى الله وهو يحسن الظن به .

وفي الكتاب نفسه ص 264 : ( عن حكيم بن جابر قال قال إبراهيم عليه السلام : ( اللهم لا تشرك بين من كان يشرك بك ومن كان لا يشرك بك ) أي ؛ بالمصير والعذاب ..

وفيه أيضا ص 265 : عن أبي نعيم بإسناده عن عون بن عبد الله قال : ( ما كان الله لينقذنا من شر ثم يعيدنا فيه (( وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها )) ، وما كان الله ليجمع بين أهل القسمين في النار : (( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت)) . ونحن نقسم جهد أيماننا ليبعثن الله من يموت ) أهـ .

فإلى بيعة مع مولاك مضمونة لا تخاف فيها غررا ولا بخسا ولا خذلانا. إن أحسنت وصدقت وأنبت واتبعت سبيل المؤمنين وأعرضت عن سبل المجرمين ..

(( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ))

وكتب / أبو محمد _ سجن السلط

في مساء اليوم الذي نجى الله فيه موسى من عدوه
من سنة 1419 من هجرة المصطفى عليه السلام .

اللهم فإنا نحسن الظن بك أنك منجينا كما نجيت نبيك
اللهم فنجنا برحمتك من كرب الدنيا والآخرة … آمين .



وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


المصدر :: موقع منبر التوحيد والجهاد ::
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://telbana.alafdal.net
محمد عطية
عضو نشيط
عضو نشيط
محمد عطية


عدد المساهمات : 363
الجنس : ذكر
تاريخ التسجيل : 21/05/2010

تأملات في حسن   الظن  بالله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تأملات في حسن الظن بالله   تأملات في حسن   الظن  بالله Icon_minitimeالأربعاء 01 سبتمبر 2010, 4:13 pm

تأملات في حسن   الظن  بالله Islam_s_079
تأملات في حسن   الظن  بالله Islam_s_158

تأملات في حسن   الظن  بالله 176الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:
قال ابن القيم رحمه الله ولا ريب أن حسن الظن بالله إنما يكون مع
الإحسان، فإن المحسن حسن الظن بربه، أنه يجازيه على إحسانه، ولا يخلف
وعده، ويقبل توبته، وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات فإن
وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه، وهذا موجود في
الشاهد فإن العبد الآبق المسيء الخارج عن طاعة سيده لا يحسن الظن به، ولا
يجامع وحشة الإساءة إحسان الظن أبداً، فإن المسيء مستوحش بقدر إساءته،
وأحسن الناس ظناً بربه أطوعهم له. كما قال الحسن البصري: ( إن المؤمن أحسن
الظن بربه فأحسن العمل، وأن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل ).
وكيف يكون محسن الظن بربه من هو شارد عنه، حال مرتحل في مساخطه
وما يغضبه، متعرض للعنته، قد هان حقه وأمره عليه فأضاعه، وهان نهيه عليه
فارتكبه وأصر عليه، وكيف يحسن الظن بربه من بارزه بالمحاربة، وعادى
أولياءه، ووالى أعداءه، وجحد صفات له، وأساء الظن بما وصف به نفسه ووصفه
به رسوله تأملات في حسن   الظن  بالله Article_salla وظن بجهله أن ظاهر ذلك ضلال وكفر.
وكيف يحسن الظن بمن يظن أنه لا يتكلم ولا يأمر ولا ينهى ولا يرضى
ولا يغضب، وقد قال الله تعالى في حق من شك في تعلق سمعه ببعض الجزئيات،
وهو السر من القول تأملات في حسن   الظن  بالله Braket_r وَذَلِكُمُ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُم أَردَاكُم فَأَصبَحتُم مِنَ الخَاسِرِينَ تأملات في حسن   الظن  بالله Braket_l [فصلت:23].
فهؤلاء لما ظنوا أن الله سبحانه لا يعلم كثيراً مما يعلمون كان هذا
إساءة لظنهم بربهم، فأرداهم ذلك الظن. وهذا شأن كل من جحد صفات كماله
ونعوت جلاله، ووصفه بما لا يليق به، فإذا ظن هذا أنه يدخله الجنة كان هذا
غروراً وخداعاً من نفسه، وتسويلاً من الشيطان، لا إحسان ظن بربه.
فتأمل هذا الموضع، وتأمل شدة الحاجة إليه، وكيف يجتمع في قلب
العبد تيقنه بأنه ملاق الله، وأن الله يسمع كلامه ويرى مكانه، ويعلم سره
وعلانيته، ولا يخفى عليه خافية من أمره، وأنه موقوف بين يديه ومسئول عن كل
ما عمل، وهو مقيم على مساخطه مضيع لأوامره معطل لحقوقه، وهو مع هذا يحسن
الظن به.
وهل هذا إلا من خدع النفوس وغرور الأماني. وقد قال أبو سهل ابن
حنيف: ( دخلت أنا وعروة بن الزبير على عائشة رضي الله عنها فقالت: لو
رأيتما رسول الله في مرض له، وكانت عنده ستة دنانير، أو سبعة دنانير.
فأمرني رسول الله تأملات في حسن   الظن  بالله Article_salla أن أفرقها، فشغلني وجع رسول الله تأملات في حسن   الظن  بالله Article_salla حتى عافاه الله، ثم سألني عنها { ما فعلت أكنت فرقت الستة دنانير }، فقلت لا والله، لقد كان شغلني وجعك، قالت: فدعا بها فوضعها في كفه، فقال: { ما ظن نبي الله لو لقي الله وهذه عنده }، وفي لفظ { ما ظن محمد بربه لو لقي الله وهذه عنده } ).
فبالله ما ظن أصحاب الكبائر والظلمة بالله إذا لقوه ومظالم العباد
عندهم، فإن كان ينفعهم قولهم: حسناً ظنوننا بك إنك لم تعذب ظالماً ولا
فاسقاً، فليصنع العبد ما شاء، وليرتكب كل ما نهاه الله عنه، وليحسن ظنه
بالله، فإن النار لا تمسه، فسبحان الله، ما يبلغ الغرور بالعبد، وقد قال
إبراهيم لقومه: تأملات في حسن   الظن  بالله Braket_r أَئِفكاً ءَالِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ العَالَمِينَ تأملات في حسن   الظن  بالله Braket_l [الصافات:87،86] أي ما ظنكم به أن يفعل بكم إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره.
ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علم أن حسن الظن بالله هو حسن العمل
نفسه، فإن العبد إنما يحمله على حسن العمل حسن ظنه بربه أن يجازيه على
أعماله ويثيبه عليها ويتقبلها منه، فالذي حمله على حسن العمل حسن الظن،
فكلما حسن ظنه بربه حسن عمله.
وإلا فحسن الظن مع اتباع الهوى عجز، كما في الترمذي والمسند من حديث شداد ابن أوس عن النبي تأملات في حسن   الظن  بالله Article_salla قال: { الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني }.
وبالجملة فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة، وأما مع انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتى إحسان الظن.
فإن قيل: بل يتأتى ذلك، ويكون مستند حسن الظن على سعة مغفرة الله
ورحمته، وعفوه، وجوده، وأن رحمته سبقت غضبه، وأنه لا تنفعه العقوبة، ولا
يضره العفو.
قيل: الأمر هكذا، والله فوق ذلك وأجل وأكرم وأجود وأرحم، ولكن
إنما يضع ذلك في محله اللائق به، فإنه سبحانه موصوف بالحكمة والعزة
والانتقام وشدة البطش، وعقوبة من يستحق العقوبة، فلو كان معول حسن الظن
على مجرد صفاته وأسمائه لشترك في ذلك البر والفاجر، والمؤمن والكافر،
ووليه وعدوه.
فما ينفع المجرم أسماؤه وصفاته وقد باء بسخطه وغضبه وتعرض للعنته،
ووقع في محارمه وانتهك حرماته، بل حسن الظن ينفع من تاب وندم وأقلع، وبدل
السيئة بالحسنة، واستقبل بقية عمره بالخير والطاعة. ثم أحسن الظن بعدها
فهذا هو حسن الظن، والأول غرور والله المستعان.
يفرق بين حسن الظن بالله وبين الغرور به قال تعالى: تأملات في حسن   الظن  بالله Braket_r إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرجُونَ رَحمَتَ اللَّهُ تأملات في حسن   الظن  بالله Braket_l [البقرة:218]، فجعل هؤلاء أهل الرجاء، لا البطالين والفاسقين، وقال تعالى: تأملات في حسن   الظن  بالله Braket_r
ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ
جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ
تأملات في حسن   الظن  بالله Braket_l [النحل:110] فأخبر سبحانه أنه بعد هذه الأشياء غفور رحيم لمن فعلها، فالعالم يضع الرجاء مواضعه، والجاهل المغتر يضعه في غير مواضعه.
قال رسول الله تأملات في حسن   الظن  بالله Article_salla: { إياكم والظن فإنه أكذب الحديث } [البخاري ومسلم].
إن استمراء ظن السوء وتحقيقه لا يجوز، وأوّله بعض العلماء على الحكم في الشرع بظن مجرد بلا دليل.
روى الترمذي عن سفيان: الظن الذي يأثم به ما تكلم به، فإن لم يتكلم
لم يأثم. وذكر ابن الجوزي قول سفيان هذا عن المفسرين ثم قال: وذهب بعضهم
إلى أنه يأثم بنفس الظن ولو لم ينطق به.
قال القاضي أبو يعلى: إن الظن منه محظور ( وهو سوء الظن بالله ) والواجب حسن الظن بالله عز وجل.
والظن المباح كمن شك في صلاته إن شاء عمل بظنه وإن شاء باليقين. وروى أبو هريرة مرفوعاً: { إذا ظننتم فلا تحققوا } وهذا من الظن الذي يعرض في قلب الإنسان في أخيه فيما يوجب الريبة.
قال ابن هبيرة الوزير الحنبلي: لا يحل والله أن يحسن الظن بمن ترفض ولا بمن يخالف الشرع في حال.
وقال تأملات في حسن   الظن  بالله Article_salla: { ما أظن فلاناً وفلاناً يعرفان من ديننا شيئاً } وفي لفظ { ديننا الذي نحن عليه } [البخاري]. قال الليث بن سعد: كان رجلين من المنافقين.
عن أبي هريرة تأملات في حسن   الظن  بالله Article_ratheya قال: قال رسول الله تأملات في حسن   الظن  بالله Article_salla: { حسن الظن من حسن العبادة } [أحمد وأبو داود].
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا يحل لامرىء مسلم يسمع من أخيه
كلمة يظن بها سوءاً وهو يجد لها في شيء من الخير مخرجاً. وقال أيضاً: لا
ينتفع بنفسه من لا ينتفع بظنه.
وقال أبو مسلم الخولاني: اتقوا ظن المؤمن فإن الله جعل الحق على لسانه وقلبه.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لله درُّ ابن عباس إنه لينظر إلى الغيب عن ستر رقيقه.
وقال ابن عباس رضي الله عنه: الجبن والبخل والحرص غرائز سوء يجمعها كلها سوء الظن بالله عز وجل.
وفي الصحيحين أن صفية أتت النبي تأملات في حسن   الظن  بالله Article_salla تزوره وهو معتكف، وأن رجلين من الأنصار رأياهما فأسرعا فقال النبي تأملات في حسن   الظن  بالله Article_salla: { على رسلكما إنها صفية بنت حيي } فقالا: سبحان الله يا رسول الله. قال: { إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً }، أو قال: { شراً }.
قال أبو حازم: العقل التجارب والحزم سوء الظن. وقال الحسن: لو كان الرجل يصيب ولا يخطىء ويحمد في كل ما يأتي داخله العجب.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
تلبانه _تلبانه
V I P
V I P
avatar


عدد المساهمات : 7224
الجنس : ذكر
تاريخ التسجيل : 08/06/2010

تأملات في حسن   الظن  بالله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تأملات في حسن الظن بالله   تأملات في حسن   الظن  بالله Icon_minitimeالأربعاء 15 سبتمبر 2010, 12:16 am

مشكورر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
admin
المدير العام

المدير العام
admin


عدد المساهمات : 1578
الجنس : ذكر
تاريخ التسجيل : 27/06/2008

تأملات في حسن   الظن  بالله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تأملات في حسن الظن بالله   تأملات في حسن   الظن  بالله Icon_minitimeالأحد 03 أكتوبر 2010, 12:35 am

بارك الله فيكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://telbana.alafdal.net
جمال موسى
عضو جديد
عضو جديد
جمال موسى


عدد المساهمات : 78
الجنس : ذكر
تاريخ التسجيل : 30/05/2010

تأملات في حسن   الظن  بالله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تأملات في حسن الظن بالله   تأملات في حسن   الظن  بالله Icon_minitimeالأحد 03 أكتوبر 2010, 2:27 pm

مااحوج اهل البلاء الى حسن الظن بربهم فان المرض وان تعاظم فى نفس المريض فلابد ان يعلم ان الله تعالى فوق كل شئ

كم من مريض توقف شفاؤه على حسن ظنه بر به وأود ان أذكر كلمة جميلة جدا جدا جدا جدا جدا جدا سمعتها من أستاذنا

الفاضل الكتور / عمر عبد الكافى سممعته يقول ( لايقل أحدكم يارب ان عندى هم كبير ولكن يقل يا هم إن عندى رب كبير)

إجعلوها شعاركم فى الحياة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو عمر
عـــــائلة حـــمام
avatar


عدد المساهمات : 472
تاريخ التسجيل : 07/05/2010

تأملات في حسن   الظن  بالله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تأملات في حسن الظن بالله   تأملات في حسن   الظن  بالله Icon_minitimeالجمعة 08 أكتوبر 2010, 8:47 am

بارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تأملات في حسن الظن بالله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حسن الظن بالله
» حسن الظن بالله سبحانه وأثره في حياة المسلمين محمد حاج عيسى الجزائري
»  ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً " ما أعظم هذا الاستقرار والسكينة والطمأنينة عندما ترتبط بالله عز وجل وأنت حر طليق لا عبودية لك إلا لله سبحانه وتعالى
»  هل يكفي غلبة الظن في وقوع الطلاق؟
» الثقة بالله في الأزمات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي  :: المنتديات الإسلامية :: المنتدي اللغوي والإسلامي-
انتقل الى: