العلاج بالإعشاب.. نعمة أم كارثة؟
تجارة الأعشاب سوق رائجة بلغت حجم مبيعاتها عام 1999 في أوروبا 7 مليارات دولار وفي أميركا تجاوزت اليوم 30 مليار دولار لماذا؟ لأن العودة للطبيعة تهز بقوة عرش الطب الحديث، وتجد صدى واسعاً لدى من عجز التقدم العلمي بكل إمكانيات عن شفائه أو من يبحث عن العلاج بقروش زهيدة.. ولكن لا شك أن تداول الأعشاب يحتاج لوقفة علمية واقتصادية وسياسية. في مصر تخرج علينا إعلانات الأعشاب الطبية بادعاء أنها تعالج جميع الأمراض. أكثر من 100 صنف يستخدم في الطب الشعبي بشكل عشوائي ويدفع الشعب المصري الثمن من صحته وماله جريا وراء آمال خادعة وحلم بالشفاء.. لذا وضع خط أحمر حول هذه الممارسة الطبية العشوائية وتمت المطالبة بمزيد من الضوابط لتقليل المخاطر التي يتعرض لها المستهلك في سوق الأعشاب.
وعلى الرغم من صدور 4 قرارات لوزير الصحة منذ عام 1997 لتنظيم فوضى الأعشاب ما زال الطريق طويلا لدراسة جميع الأعشاب الطبية المتداولة بشكل علمي سليم وتحديد سلامتها وفاعليتها وأمان استخدامها.
من الدواء ما قتل
ويوضح الدكتور أسامة الطيب أستاذ الميكروبيولوجي بكلية الصيدلة القاهرة أن الطب البديل له شعبية كبيرة بين المصابين لأسباب اقتصادية واجتماعية. والقضية الآن هل تعتبر الأعشاب الطبية غذاء أم دواء أم مكملات غذائية؟ وهل تخضع لضوابط سلامة الغذاء أو الدواء؟
الواقع يقول أن كيفية تحضير الأدوية العشبية وتداولها وطريق توزيعها وكذلك أسباب وكميات تناولها تختلف تماما عن تعامل المريض مع الدواء. وفي كثير من الأحيان تتعرض الأعشاب أثناء عملية انتقالها من الأرض للعطار ثم للمستهلك لعوامل التلوث خاصة عندما يتعلق الأمر بصغار المنتجين الذين يزرعون بعض هذه الأعشاب مثل الكمون ثم يتركونها تجف على سطح حظيرة المواشي فينتشر بها ميكروب E-COLI سواء في مراحل الإعداد أو التخزين أو التوزيع. الأمر يحتاج لأسلوب علمي لتصل هذه الأعشاب الطبية بشكل سليم للمستهلك. أما بتجمع هذه الأعشاب ومعالجتها صناعياً أو تطهير المواد الخام أو المنتج النهائي سواء بمعالجتها إشعاعيا أو بالغازات. ولكن هذا الحل الصناعي سيرفع بالطبع من ثمن هذه الأعشاب ويقلل من ثبات العناصر الحيوية به ويخفض من فترة الصلاحية أو يؤثر على النكهة الخاصة بها.
ويضرب الدكتور أسامة مثالا على خطورة التهاون في معالجة الأعشاب بتعرضها لسموم (أفلاتوكسين) وهي مواد سامة تفرز أثناء نمو بعض الفطريات وهي سامة للكبد وتعد أيضاً مسببة للسرطان. وخطورة هذه السموم تكمن في تواجدها في أعلاف الحيوان وانتقالها للإنسان عبر حلقة الغذاء فتسبب له مشاكل صحية.
المكشوف.. في أمريكيا
ويشير الدكتور محمد الضوي أستاذ الصيدلة بجامعة طنطا إلى تقرير نشرته هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية FDA على شبكة الإنترنت يوم 19 أبريل / نيسان 2001 يتضمن تحذيرا للمستهلك من بعض الأعشاب الطبية بعد حدوث حالات تسمم ووفاة في كاليفورنيا.. وتضمن التقرير قواعد لتحديد أمان وسلامة الأعشاب المستخدمة للعلاج لتأمين المستهلك.
ويوضح الدكتور الضوي أن سوق الأعشاب في أمريكيا تنظمها بعض القواعد وأن كانت لا توجد على المستوى العالم ضوابط خاصة بالأعشاب الطبية.. ولكن FDA تصر على إتاحة جميع المعلومات للجمهور.. وهذا بالضبط ما حدث عندما نشر التقرير على الإنترنت. والواقع أن صياغة القوانين تحتاج لكل الأطراف في هذه القضية.. ولهذا لا بد لصغار المنتجين والمصنعين والجمهور والخبراء المتخصصين أن يصلوا معاً لضوابط.. ومعهم جمعيات حماية المستهلك التي تلعب دوراً مؤثراً قبل صدور القرار النهائي.. ولا بد لمصر أن تتوافق مع قواعد الاستيراد العالمية من أجل تصدير الأعشاب المصرية والتي تخضع لاختبارات دقيقة من المستورد.