سليمان بن مهران
سليمان بن مهران الأسدى الكاهلى ، مولاهم أبو محمد الكوفى الأعمش . و كاهل هو ابن أسد بن خزيمة . يقال : إن أصله من طبرستان ، و يقال :
من قرية يقال لها : دنباوند من رستاق الرى جاء به أبوه حميلا إلى الكوفة فاشتراه رجل من بنى أسد فأعتقه .
ولد يوم قتل الحسين و ذلك يوم عاشوراء سنة إحدى و ستين .
ورعه واخلاقه :
كان أعلم الناس بقول عبد الله بن مسعود . و قال عبد الله بن داود الخريبى : سمعت شعبة إذا ذكر الأعمش ، قال : المصحف المصحف ! . و قال عمرو بن على : كان الأعمش يسمى المصحف من صدقه .
و قال ابن عيينة : سبق الأعمش أصحابه بخصال : كان أقرأهم للقرآن ، و أحفظهم للحديث ، و أعلمهم بالفرائض .
و قال هشيم : ما رأيت بالكوفة أحدا كان أقرأ لكتاب الله من الأعمش .
عن طلحة بن مصرف : كنا عند يحيى بن وثاب نقرأ عليه و الأعمش ساكت ما يقرأ ، فلما مات يحيى بن وثاب فتشنا أصحابنا فإذا الأعمش أقرأنا .
و قال يحيى بن معين : كان جرير إذا حدث عن الأعمش ، قال : هذا الديباج الخسروانى .
و قال وكيع : كان الأعمش قريبا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى ،
و اختلفت إليه قريبا من سنتين ما رأيته يقضى ركعة .
و قال على ابن المدينى : حفظ العلم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ستة :
1- لأهل مكة : عمرو بن دينار
2- لأهل المدينة : ابن شهاب الزهرى
3- لأهل الكوفة : أبو إسحاق السبيعى ، و سليمان بن مهران الأعمش
4- لأهل البصرة : يحيى بن أبى كثير ناقلة ، و قتادة .
و قال أحمد بن حنبل : أبو إسحاق و الأعمش رجلا أهل بالكوفة .
جهوده في الحديث :
كان ثقة ثبتا فى الحديث ، و كان محدث أهل الكوفة فى زمانه ، يقال : إنه ظهر له أربعة آلاف حديث و لم يكن له كتاب ، و كان يقرىء القرآن رأس فيه ، قرأ على يحيى بن وثاب و كان فصيحا ، و كان أبوه : من سبى الديلم ، و كان مولى بنى كاهل ، فخذ من بنى أسد ، و كان عسرا سىء الخلق ، و كان لا يلحن حرفا و كان عالما بالفرائض ، و لم يكن فى زمانه من طبقته أكثر حديثا منه
عن أبى بكر بن عياش : كنا نسمى الأعمش سيد المحدثين و كنا نجىء إليه إذا فرغنا من الدوران ، فيقول : عند من كنتم ؟ فنقول : عند فلان . فيقول : طبل مخرق و يقول : عند من ؟ فنقول : عند فلان ، فيقول : طير
طيار . و يقول : عند من ؟ فنقول : عند فلان . فيقول : دف . و كان يخرج إلينا
شيئا فنأكله ، فقلنا يوما : لا يخرج إليكم الأعمش شيئا إلا أكلتموه . قال :
فأخرج إلينا شيئا فأكلناه ، و أخرج فأكلناه ، فدخل فأخرج فتيتا فشربناه ، فدخل فأخرج أجانة صغيرة و قتا ، فقال : فعل الله لكم و فعل ، أكلتم قوتى و قوت
امراتى ، و شربتم فتيتها ، هذا كلوه علف الشاة ! قال : فمكثنا ثلاثين يوما لا
نكتب فزعا منه حتى كلمنا إنسانا عطارا كان يجلس إليه حتى كلمه لنا .
و قال أبو سعيد الأشج ، عن أبى خالد الأحمر : سئل الأعمش عن حديث ، فقال لابن المختار : ترى أحدا من أصحاب الحديث ؟ فغمض عينيه ، و قال : لا أرى يا أبا محمد ، فحدث به ! .
قال البخارى ، عن على ابن المدينى : له نحو ألف و ثلاث مئة حديث .
و قال عبد الله بن على ابن المدينى ، عن أبيه : الأعمش لم يحمل عن أنس إنما رآه يخضب ، و رآه يصلى ، و إنما سمعها من يزيد الرقاشى و أبان عن أنس .
و قال أحمد بن عبد العزيز الأنصارى ، عن وكيع ، عن الأعمش : رأيت أنس بن مالك و ما منعنى أن أسمع منه إلا استغنائى بأصحابى .
و قال إبراهيم بن محمد بن عرعرة : سمعت يحيى القطان إذا ذكر الأعمش قال : كان من النساك ، و كان محافظا على الصلاة فى جماعة و على الصف الأول . قال يحيى : و هو علامة الإسلام .و قال عبد الله بن داود الخريبى : مات الأعمش يوم مات و ما خلف أحدا من الناس أعبد منه ، و كان صاحب سنة .
و قال إسحاق بن راشد : قال لى الزهرى : و بالعراق أحد يحدث ؟ قلت : نعم ، هل لك أن آتيك بحديث بعضهم ؟ فقال لى : نعم ، فجئته بحديث الأعمش فجعل ينظر فيها و يقول : ما ظننت أن بالعراق من يحدث مثل هذا . قلت : و أزيدك : هو من مواليهم
و قال شعبة : ما شفانى أحد فى الحديث ما شفانى الأعمش .
و قال أبو عبيد الآجرى ، عن أبى داود : عند شعبة عن الأعمش نحو من خمس مئة ،
و شعبة قد أخطأ على الأعمش فى أكثر من عشرة أحاديث . ثم قال : كان شعبة يصحب الأعمش و هو شاب .
قال : و سمعت أبا داود ، قال : كان عند وكيع عن الأعمش ثمان مئة .
و قال أيضا عن أبى داود : سفيان أعلم الناس بالأعمش ، و قد خولف فى أشياء .
و قال محمد بن عبد الله بن عمار الموصلى : ليس فى المحدثين أثبت من الأعمش ، و منصور بن المعتمر و هو ثبت أيضا ، و هو أفضل من الأعمش ، إلا أن الأعمش أعرف بالمسند و أكثر مسندا منه .
و لم يختم على الأعمش إلا ثلاثة نفر : طلحة بن مصرف و كان أفضل من الأعمش و أرفع سنا منه ، و أبان بن تغلب النحوى ، و أبو عبيدة بن معن بن عبد الرحمن . و روى عن أنس بن مالك حديثا واحدا فى " دخول الخلاء " ، و يقال : إن أبا الأعمش شهد قتل الحسين رضى الله عنه ، و إن الأعمش و راح الأعمش إلى الجمعة و عليه فروة قد قلب فروة جلدها على جلده ، و صوفها إلى خارج ، و على كتفه منديل الخوان مكان الرداء .
و قال محمد بن داود الحدانى ، عن عيسى بن يونس : لم نر نحن و لا القرن الذين كانوا قبلنا مثل الأعمش ، و ما رأيت الأغنياء و السلاطين عند أحد أحقر منهم عند الأعمش مع فقره و حاجته .
و قال إسحاق بن منصور ، عن يحيى بن معين : الأعمش ثقة .
و قال النسائى : ثقة ثبت .
وفاته :
مات سنة سبع و أربعين و مئة . وقيل : مات سنة ثمان و أربعين و مئة .
فى ربيع الأول ، بعد منصور بست عشرة سنة ، و هو ابن ثمان و ثمانين سنة .
من شيوخه :
الأسود بن يزيد ( خاله ) ، خيثمة بن عبد الرحمن ، الربيع بن خثيم ، أبى الشعثاء سليم بن أسود المحاربى ، نهيك بن سنان
يزيد بن أوس ، أبى زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلى ، أبى عبد الرحمن السلمى ، أبى عبيدة بن عبد الله بن مسعود .
من تلاميذه :
إبراهيم بن مهاجر البجلى ، الحارث بن يزيد العكلى ، الحر بن مسكين ، حكيم بن جبير ، عطاء بن السائب ، أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي
عمرو بن مرة ، أبو العنبس عمرو بن مروان النخعى ، واصل بن حيان الأحدب ، يزيد بن أبى زياد
المصدر شبكة المنهاج الاسلامية