الفائدة (7) ~
قال الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-:
وقال البخاري –رحمه الله تعالى-: "باب العلم قبل القول والعمل". والدليل قوله تعالى:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ}[محمد: 19]، فبدأ بالعلم قبل القول والعمل.
قال الشيخ محمد صالح العثيمين -رحمه الله-:
استدل البخاري رحمه الله بهذه الآية على وجوب البداءة بالعلم قبل القولوالعمل وهذا دليل أثري يدل على أن الإنسان يعلم أولاً ثم يعمل ثانياً،وهناك دليل عقلي نظري يدل على أن العلم قبل القول والعمل وذلك لأن القولأو العمل لا يكون صحيحاً مقبولاً حتى يكون على وفق الشريعة، ولا يمكن أنيعلم الإنسان أن عمله على وفق الشريعة إلا بالعمل، ولكن هناك أشياء يعلمهاالإنسان بفطرته كالعلم بأن الله إله واحد فإن هذا قد فطر عليه العبد ولهذالا يحتاج إلى عناء كبير في التعلم ، أما المسائل الجزئية المنتشرة فهيالتي تحتاج إلى تعلم وتكريس جهود.
الفائدة (8) ~
التوحيد:
من معنى العبادة و إلا فقد سبق لك معنى العبادة وعلى أي شيء تطلق وأنها أعم من مجرد التوحيد.
وأعلم أن العبادة نوعان:
1- عبادة كونية: وهي الخضوع لأمر الله تعالى الكوني وهذه شاملة لجميع الخلق لا يخرج عنها أحد لقوله تعالى:{إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً}فهي شاملة للمؤمن والكافر، و البر والفاجر.
2- عبادة شرعية: وهي الخضوع لأمر الله تعالى الشرعي وهذه خاصة بمن أطاع الله تعالى وأتبع ما جاءت به الرسل مثل قوله تعالى:{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً }[الفرقان: 63}.
فالنوع الأول لا يحمد عليه الإنسان لأنه بغير فعله لكن قد يحصل منه من شكرعند الرخاء وصبر على البلاء بخلاف النوع الثاني فإنه يحمد عليه
[color=magenta]الفائدة (9) ~
التوحيد:
لغة: مصدر وحد يوحد ، أي جعل الشيءواحداً وهذا لا يتحقق إلا بنفي وإثبات، نفي الحكم عما سوى الموحد وإثباتهله فمثلاً نقول: إنه لا يتم للإنسان التوحيد حتى يشهد أن لا إله إلا اللهفينفي الألوهية عما سوى الله تعالى ويثبتها لله وحده.
وفي الاصطلاح: عرفه المؤلف بقوله:" التوحيد هو إفراد الله بالعبادة "أي أن تعبد الله وحده لا تشرك به شيئاً، لا تشرك به نبياً مرسلاً، ولاملكاً مقرباً ولا رئيساً ولا ملكاً ولا أحداً من الخلق، بل تفرده وحدهبالعبادة محبة وتعظيماً، ورغبة ورهبة، ومراد الشيخ رحمه الله التوحيد الذيبعثت الرسل لتحقيقه لأنه هو الذي حصل به الإخلال من أقوامهم.
وهناك تعريف أعم للتوحيد وهو:" إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به ".
وأنواع التوحيد ثلاثة:
الأول: توحيد الربوبية: وهو " إفراد الله سبحانه وتعالى بالخلق، والملك والتدبير " قال الله عز وجل:{ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ }[ الزمر: 62]، وقال تعالى :{ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ }[فاطر: 3]، وقال تعالى:{ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }[الملك: 1]، وقال تعالى:{ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }[الأعراف: 54].
الثاني: توحيد الألوهية: وهو " إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة بأ، لا يتخذ الإنسان مع الله أحداً يعبده ويتقرب إليه كما يعبد الله تعالى ويتقرب إليه ".
الثالث: توحيد الأسماء والصفات: وهو "إفراد الله تعالى بما سمى به نفسه ووصف به نفسه في كتابه ، أو على لسانرسوله صلى الله عليه وسلم وذلك بإثبات ما أثبته ، ونفي ما نفاه من غيرتحريف ، ولا تعطيل ، ومن غير تكييف، ولا تمثيل ".
ومراد المؤلف هنا توحيد الألوهية وهو الذي ضل فيه المشركون الذين قاتلهمالنبي صلى الله عليه وسلم واستباح دمهم وأموالهم وأرضهم وديارهم وسبىنساءهم وذريتهم، وأكثر ما يعالج الرسل أقوامهم على هذا النوع من التوحيد.قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ }
فالعبادة لا تصح إلا الله عز وجل، ومن أخل بهذا التوحيد فهو مشرك كافر وإنأقر بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات، فلو فرض أن رجلاً يقرأ إقراراًكاملاً بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات ولكنه يذهب إلى القبر فيعبدصاحبه أو ينذر له قرباناً يتقرب به إليه فإنه مشرك كافر خالد في النار قالالله تعالى:{ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ}[المائدة: 72]. وإنما كان التوحيد أعظم ما أمر الله لأنه الأصل الذيينبني عليه الدين كله، ولهذا بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوةإلى الله، وأمر من أرسله للدعوة أن يبدأ به.