منتدي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدي

منتدي تعليمي، ترفيهي، اجتماعي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الجديدالجديد  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 شبهات إنكار السنة (21 22)

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
نور الدين
نائب المدير

نائب المدير
نور الدين


عدد المساهمات : 5431
الجنس : ذكر
تاريخ التسجيل : 26/04/2010

شبهات إنكار السنة (21 22) Empty
مُساهمةموضوع: شبهات إنكار السنة (21 22)   شبهات إنكار السنة (21 22) Icon_minitimeالجمعة 30 أبريل 2010, 5:32 am

الشبهة الحادية والعشرون ظنية السنة
علماء الحديث - رضي الله عنهم - ، بعد الجهود المضنية ، التي بذلوها في جمع الحديث النبوي ، ووضع المناهج الدقيقة الحكيمة ، الجامعة المانعة ، للتمييز بين الحديث المقبول ، والحديث المردود ، ولم ينسبوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ما أطمأنت إليه أنفسهم ، ومالت إليه عقولهم ، ولم ترتبْ فيه قلوبهم ، وبعد أن قسموا الحديث المقبول أقساماً ثلاثة ، نتيجة للمناهج التي وضعوها في فحص الحديث ونقده ، فكانت تلك الأقسام الثلاثة هي على الترتيب المعروف لدى جميع المحدثين ، وعامة الأمة :
* الحديث الصحيح ، وهو أعلى الأقسام الثلاثة.
* الحديث الحسن. وهو يلي الحديث الصحيح في القوة.
* الحديث الضعيف. وهو يأتي في الدرجة الثالثة في قوة السَّند.
ثم قسموه تقسيناً ثنائياً باعتبار رواة الحديث ، وهما :
* الحديث المتواتر ، وهو ما رواه جماعة مستفيضة عن مثلهم من بداية السند إلى نهايته مع استواء العدد في كل حلقة.
* حديث الآحاد ، وهو ما كان رواته أقل عدداً من رواة الحديث المتواتر : وإن كانوا لم يجمعوا على بداية عددهم ، أقول بعد هذا كله ، الذي بذلوا فيه أقصى ما يملكونه من طاقات ، حملهم الورع ، وحساسية التقوى ، على أن يقولوا إن دلالة حديث الآحاد هي الظن لا القطع ، قالوا هذا الكلام لا عن تقصير منهم - كما عملت - ولكن إبراءً للذمة بينهم وبين الله - عز وجل -.
وليس هذا هو قول جميع المحدثين ، لأن منهم من يذهب إلى أن حديث الآحاد ، المستوفى شروط الرواية ، سنداً ومتناً - يفيد اليقين ، وليس الظن.
(1/116)

لكن المشهور هو القول الأول ، وهو لا يعدو تفويض الأمر إلى الله ، كما يقول المفتي الواثق من صحة فتواه بعد أن يفتى بها "والله أعلم" مفوضاً الأمر لله وحده.
تلقف منكرو السنة هذا القول ، الذي هو احتراز ، مجرد احتراز مبعثه الورع عند المحدثين ، تلقفه منكرو السنة ووظفوه في إنكار الاستدلال بالسنة ، مهما بلغت من القوة ، واستندوا في ترويج رفضهم للسنة - عملاً بهذه الشبهة إلى بعض الآيات القرآنية ، التي أساءوا فهمها ، أو عبثوا بدلالتها عمداً ، لكي يوهموا الناس بما يقولون ، من تلك الآيات قوله تعالى :
{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الأنعام : 116]
يعنون أن الله ذم الذين يتبعون الظن ، والسنة ظن ، وقوله تعالى : {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم : 28]
يعنون من هذه الآية أن الله ذم من يتبع الظن ثم قضى بأن الظن لا يغني عن الحق شيئاً ، ويرتبون على هذا أن من يتبع السنة ، وهي ظن ، مذموم عند الله وهو على باطل في مسعاه ، فكيف تكون السنة مصدراً من مصادر التشريع الإسلامي ، وهذا هو حالها ومنزلتها ؟!
تفنيد هذه الشبهة ونقضها :
عرفنا من خلال هذه الدراسة أن منكري السنة لم يذكروا - وليس لهم في الواقع - دليلاً واحداً يؤيد دعواهم في إنكار السنة ، وأن كل ما ذكروه من قبل شبهات وأوهام الباعث عليها الجهل ، إن فرضنا عند بعضهم حسن النية ، أو الباعث عليها العناد عند سيئى النية منهم.
وهذه الشبهة مثل الشبهات التي تقدم ذكرها ، لا قدم لها ولا ساق.
والرد المفحم عليها يتمثل في الخطوات الآتية :
(1/117)

أولاً : إن ظنية السنة إصطلاح خاص بعلماء الحديث ، والذي دعاهم إلى القول به هو شدة التحري والورع كما تقدم ، وإبراء الذمة أمام الله بتفويض الأمر إليه تأدباً معه - عز وجل -.
ولموقفهم هذا نظير في سلوك الأنبياء والرسل - صلى الله عليهم وسلم -. فتعال نقرأ ما حكاه الله - عز وجل - عن شيخ الأنبياء إبراهيم عليه السلام ، وهو يحاور قومه في عقيدة التوحيد ودحض عقيدة الشرك والوثنية :
{وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} [الأنعام : 80].
تأمل قول إبراهيم عليه السلام :
{وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا} كيف أسلم قيادة لله ، وأنه لا يخاف أصنامهم إلا أن يشاء الله شيئاً. والله لا يشاء الإشراك به للرسل الذين أرسلهم ليدعوا الناس إلى توحيد الله والإيمان به ، والرجاء والخوف منه وحده.
فكيف استثنى عليه السلام من إعلانه عدم الخوف من أصنامهم ما يوهم في النفس أنه سيخافها إذا شاء ذلك الله - عز وجل - ؟
نقول : ليس لقول إبراهيم هذا محمل إلا تفويض الأمر كله لله وإعلان كماله المطلق جل شأنه.
وهذا نظير موقف علماء الحديث ، الذين يخافوتن الله فبعد أن أدوا أقصى ما عليهم في تمحيص الحديث ، لم يجعلوا هذا هو نهاية الأمر في الظاهر والباطن فأحكموا هم "الظاهر" وفوضوا الأمر لله في "الباطن" الذي لا يعلمه إلا هو. طلباً منهم للحق من كل وجه ، واحتياطاً مما عسى أن يكون غاب عنهم من دقائق الأمور وخفاياها.
* ومثل هذا السلوك ، الذي سلكه إبراهيم عليه السلام سلك نبي الله شعيب عليه السلام ، فقد حكى عنه الله - عز وجل - قوله لقومه حين دعوه في الدخول في عقيدتهم الوثنية :
(1/118)

{قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف : 89].
محال ، بل وألف محال أن يكون رسول من رسل الله الأطهار مستعداً للدخول في عقيدةة الشرك ، ترك عقيدة التوحيد ومع هذا نرى قول شعيب عليه السلام - هنا - يفيد هذا المعى ؟ فهل كان شعيب يقصد حقيقة ما يقول يا ترى ؟ كلا ، بل وألف كلا.
وإنما أراد شعيب عليه السلام إظهار كمال الله ، ونفاذ مشيئته وإن تعلقت بمحظور من أقبح المحظورات ، وهو الإشراك بالله الواحد القهار مع حسن التأدب مع الله ، وتفويض الأمر إليه ، فليست مشيئات خلقه وأقوالهم هي القاضية في بت الأمور بل مشيئة الله وقوله : {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}.
فعلماء الحديث - إذن - أحكموا عملهم الظاهري في تحري الصحة فيما ينسب إلى النبي الكريم ، فهم من حيث الظاهر على يقين. أما الباطن فموكول علمه إلى الله ، ولذلك قالوا في بيان هذا "قد يكون في الواقع ونفس الأمر على غير ما ظهر لنا" وقد قالوه على سبيل الاحتياط وشدة التحري.
هذا قصدهم ، لا أنهم أرادوا أن يهدموا بالشمال ما بنوه باليمين ، كما يروَّج منكرو السنة ، بهاليل العصر.
ثانياً : إن الحكم على السنة بالظنية ، على الوجه الذي شرحناه اصطلاح خاص بعلماء الحديث كما تقدم ، وهم فصيلة من فصائل علماء الأمة الثلاث ، العاملة في مجال التشريع والفقه. والفصيلتان الأخريان هما :
* علماء أصول الفقه ، العاملون في دراسة أدلة الأحكام الكلية ، وهي : الكتاب - السنة - الإجماع - القياس ، ثم الأدلة الأخرى المختلف فيها.
* الفقهاء ، وهم العاملون في مجال استباط الأحكام العملية التفصيلية من أدلتها الكلية.
(1/119)

هاتان الفصليتان لهما مذهب غير مذهب علماء الحديث في ظنية السنة ، التي هاج منكرو السنة حولها وماجوا ؟
هاتان الفصيلتان ، وهم أمس رحما بأعمال التشريع والفقه من علماء الحديث ، تقسم أدلة الأحكام من حيث الثبوت والدلالة معاً أربعة أقسام :
الأول : أدلة قطعية الثبوت والدلالة معاً.
الثاني : أدلة قطعية الثبوت ظنية الدلالة.
الثالث : أدلة ظنية الثبوت قطعية الدلالة.
الرابع : أدلة ظنية الثبوت والدلالة معاً.
فالقسمان الأولان شركة بين أدلة الأحكام القرآنية ، وأدلة الأحكام النبوية (السنة).
والقسمان الثالث والرابع خاصان بالسنة النبوية فليست السنة كلها ظنية كما يقولون بل فيها ما هو قطعي الثبوت كالقرآن في الروايت التي توفرت فيها شروط الصحة فما الذي حمل منكري السنة على التمسك بالظنية دون القطعية الشائع القول بها في علمى الفقه وأصوله ، اللهم إلا العناد والمكابرة.
وبعض العلماء يقول : إن الأحاديث المروية عن رسول الله كلها قطعية بالنسبة للصحابة ، الذين سمعوها منه ، لأنهم ما كانوا يشكون في سماعها. فإذا روى عن الصحابة الثقات بعض التابعين فينبغي أن تكون رواياتهم موصوفة بالقطعية التي كانت وقت السماع المباشر من النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا فهم وجيه وقوي كما ترى ، وإن لم يشتهر بين العلماء ، وأيا كان الأمر فإن ظنية الثبوت لا ينظر إليها إلا في الدلالة ، لأننا نعمل بدلالات النصوص لا بالنصوص نفسها ، فالنص أنارة وعلامة على مراد الشرع ، فقوله - صلى الله عليه وسلم - في شأن الاقتداء به في الصلاة : "صلوا كما رأيتموني أصلى" دلالته المعمول بها ، هي طلب محاكاة الرسول في صلاته.
(1/120)

إذن فالمعول عليه في كلام منكري السنة أن دلالة الحديث على المعنى المراد منه ظنية لا قطعية ، لاحتمال أن يكون الحديث لم يقله - صلى الله عليه وسلم -.
إذا تمهد هذا نقول لمنكري السنة :
إن الدلالة الظنية ليست وقفاً على السنة ، التي هي ظنية الثبوت عندكم ، بل هي في القرآن ، وهو قطعي الثبوت ، لا تكاد تحصى من كثرتها في كثير من الآيات والألفاظ.
فمثلاً قوله تعالى في عدة المطلقات {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة : 228] نجد كلمة "قروء" محتملة لمعنيين :
أن تكون بمعنى الحيضات ، وأن تكون بمعنى الأطهار (جمع طُهر) فالدلالة - هنا - ظنية. فهل نلغي هذه الآية من القرآن ، وننكر وجودها ؛ لأنها ظنية الدلالة ؟!
وقولع تعالى في شأن المطلقة ثلاثا متى تحل للزوج الأول الذي طلقها إذا طلقها الزوج الثاني أو مات عنها :
{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة : 230] فإن النكاح في هذه الآية يحتمل أن يراد به مجرد العقد ويحتمل أن يكون المراد به الوطء فالدلالة - كذلك - ظنية فهل تنكر قرآنية هذه الآية ، لأن دلالتها ظنية وإن كانت قطعية الثبوت يقيناً ؟!د
وقوله تعالى في بيان نكاح المحرمات من النساء : {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء : 22] فإن كلمة {نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} محتملة - كذلك - لأمرين :
* أن يكون المراد من النكاح ما يشمل العقد الشرعي والوطء لا غيرهما. أي عقد النكاح والوطء المترتب عليه.
* وأن يكون شاملاً لهما وللزنى. وقد ترتب على هذا الاحتمال خلاف مشهور بين الفقهاء حول إذا زنى الأب بامرأة ، على يجوز لابنه أن يتزوجها أم لا يجوز له زواجها لزنى أبيه بها ؟
(1/121)

فقال فريق لا يجوز ، لأن النكاح في الآية بمعنى الوطء مطلقاً سواء كان عن علاقة شرعية أم لا ، يعني : الوطء بوجه عام ، وفريق قال يجوز للابن أن يتزوج من زنى بها أبوه ، لأن المراد من نكاح الأب في الآية الوطء المشروع.
فالدلالة في الآية ظنية ، فهل ننكر قرآنيتها - كذلك - لأنها ظنية الدلالة ؟
ثالثاً : أن القرآن الحكيم في صريح لفظه ومعناه جعل الظن المجرد أساساً لحكم شرعي بناه عليه ، وذللك في قوله تعالى : {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة : 230]
فقد أباح للزوجين اللذين بينهما طلاق أن يعودا إلى الإقتران مرة أخرى إذا ظن كل منهما استقرار الحياة الزوجية ، الجديدة.
فما رأيكم يا منكري السنة ؟ والقرآن نفسه جعل الظن أساساً للحكم الشرعي ؟.
* * *
(1/122)

الشبهة الثانية والعشرون هداية السنة "ظرفية" لا دائمة ؟!
مكر جديد يمكره منكرو السنة المعاصرون ، هذا المكر وليد الحاضر ، ولم يقل به أحد من منكري السنة القدامى. وفي عرضهم لهذه الشبهة يفرقون بين دلالة السنة ، ودلالة الأحاديث النبوية. فالسنة - عندهم - هي حياة النبي ، التي انتهت بوفاته ، يعني أن السنة على هذا التعريف "الشيطاني" ماتت يوم مات الرسول ، وبموت السنة توقف دورها في الهداية والتوجيه ؟!
أما الأحاديث النبوية ، التي بين أيدى المسلمين فيتخلصون منها ، كما تخلصوا من السنة ، فيقولون : أنهلا ليست كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بل هي مفتراة عليه ؟!
ويعودون لبيان السنة فيقولون أنها فهم "شخصي" خاص بالنبي لما في القرآن ، العمل به مقصور زمنية محددة هي حياة النبي من يوم بعثه الله رسولاً إلى يوم أن توفاه الله فدور السنة كان مرتبطاً بزمن معين ، وهذا هو معنى "ظرفية السنة" عندهم.
باختصار شديد : يريدون محو كل أثر قولي ، أو فعلي ، أو تقريري لصاحب الرسالة - صلى الله عليه وسلم -.
ويزعمون أن فهم النبي - صلى الله عليه وسلم - للقرآن غير ملزم لغيره ممن جاء بعد من أجيال الإسلام ، بل لكل جيل أن يفهم القرآن فهماً جديداً خاضعاً للظروف والأحوال ، فما كان من السنة في القرن السابع الميلادي في شبه جزيرة العرب لا يصلح للقرن العشرين ، ولا لمكان آخر غير شبه الجزيرة ، فالزمان والمكان عاملان في نتاج أفكار جديدة متطورة. أما الاحتكام إلى ما فهمه النبي وأصحابه من القرآن في زمانهم ومكانهم فهذا "تحنيط للإسلام" ؟!
ويدعون أن النبي واصحابه لم يدونوا والحديث لأنهم يعلمون أن
(1/123)

السنة والحديث مرتبطان بزمانهم ومكانهم فقط ، ولا يصلحان لزمان آخر ولا لمكان آخر ، لذلك تركوا تدوين السنة حتى لا يتسببوا في إرباك من يجئ بعدهم من المسلمين ؟!
هذه السواقط ، وغيرها ، كان أول من تولى كبرها في العصر الحديث مهندس سوري شيوعي (محمد شحرور) من الذين درسوا في جامعات روسيا ، أيام كان الاتحاد السوفيتي يضع في كل غرفة في المدت الجامعية فتى وفتاة يعيشان في الغرفة معاً ، وكأنهما زوجان ؟! (ينظر الكتاب والقرآن 541 وما بعدها).
وردت هذه "السواقط" في كتاب ضخم له دعاه : (الكتاب والقرآن. قراءة معاصرة) يقارب ألف صفحة من القطع الكبير ، ثم صار هذا الكتاب مرجعاً عندنا في مصر - الآن - لكل اصحاب الفكر الشاذ ومن أبرزهم منكرو السنة ، الذين نواجه شبهاتهم في هذه الدراسة.
تفنيد هذه الشبهة ونقضها :
قليل من النظر الواعي حول ما بيناه من هذه الشبهة ، يريك أن هؤلاء المرجفين يركزون على أمرين :
الأول : أن السنة هي الفهم الشخصي للنبي - صلى الله عليه وسلم - لما أنزل الله عليه في القرآن ، يعني نوعاً من تفسير القرآن صدر عن النبي مع حصر السنة في أنها (حركة حياة الرسول) ؟!.
الثاني : أن السنة - بهذا المعنى - لابد أن تكون ظرفية مقصورة على مرحلة تاريخية من مراحل التاريخ الإسلامي ، وهي من بدء الرسالة إلى وفاة الرسول.
هذان الأمران كانا تمهيداً أو وسيلة لهدف آخر ضخم : هو أن معاني القرآن قابلة للتطور - دائماً - ولو من النقيض إلى النقيض ، وأن لكل جيل حق فهم القرآن حسبما يرى وما تمليه عليه الظروف غير ملزم بفهم من سبقه للقرآن ، حتى
(1/124)

لو كان النبي وصحبه ؟! وهذا - منهم - زيادة توكيد وتأصيل لقاعدة مدمرة وضعوها وأخضعوا لها القرآن كله. وهي :
"القرآن ثابت الأصل ، متغير المحتوى" يعني أسلوب القرآن لا يغير ولا يبدل ، ولكن معانيه تتغير وتتبدل من عصر إلى عصر ومن مكان إلى مكان ، بل ومن شخص وآخر.
فمكر منكري السنة هنا ، ليس مقصوراً على السنة بل هو شامل للقرآن كذلك.
وهذا كله غثاء في غثاء فلا السنة مرحلة مخصوصة من مراحل التاريخ الإسلامي ، بدأت وانتهت ، ولم تعد صالحة للحياة ، ولا هي غير الحديث النبوي : فالسنة حديث ، والحديث سنة ، وما يوقله منركو السنة في هذا المجال وَهْمٌ من أهى الأوهام.
ولا القرآن متغير المحتوى ، من النقيض إلى النقيض. هذه الدعوى لو أدركها المجنون لأنكرها.
وقد أعطى شحرور نماذج لتغيير المحتوى في مفاهيم الشريعة وقيمها ففي العبادات قال إن أقل قدر منها يرضي الله ، ولو أكتفى المسلم بصلاة ركعتين في اليوم بدلاً من سبع عشرة ركعة موزعة على خمس صلوات واجبات.
وفي لباس المرأة قال إن أقل ما هو مطلوب ، وأنه يرضى الله من المرأة إذا فعلته هو أن تستر "العورتين المغلظتين" ولها أن تظهر بعد ذلك خارج بيتها عارية لا تغطي شيئاً من بقية الجسد ؟!
ونحا نحوه كاتب علماني من منكري السنة طالب بأن تعتبر الأمة احتساء الخمور والزنا أفعلاً مباحة لا عقاب ولا لوم شرعاً وقانوناً ، اقتداء بالمجتمع الأمريكي ، وبخاصة في تعامله مع فسق كلينتون - مونيكا ، حيث عوتب على كذب الرئيس الأمريكي أما فسقه وزناه فلم يكونا موضع مؤاخذة في ذلك البلد المتحضر ؟!
(1/125)

كما فسَّر قطع يد السارق الوارد في صريح القرآن بأنه حبس اليد وصاحبها في السجن (ينظر روز اليوسف 1/5/1999م).
إن المسألة إذن مسألة عبث ، إو إزالة للإسلام كله ، وليست مسألو "تحنيط" للسنة النبوية ، وهي روح القرآن بلا جدال ، ومفاتيح كنوزه التي لا تنفد.
إن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - سواء في ذلك القولية والعملية ليس فيها شيء قابل للتحنيط أو العزل عن حياة المسلمين ، لأنها مصابيح هدى في قلوب الأمة كالروح في الجسد.
وصلاحية السنة لكل عصر ومصر أمر لا ربية فيه وهي ظاهرة صالحة للعرض والاختبار الآن ، وفي كل لحظة ، سواء أُحِذَتٌ العينة من العقائد ، أو العبادات ، أو المعاملات ، أو الأخلاق.
أي مثال من السنة ، من هذه المجالات إذا نظرت فيه بوعي تجده يمزق حدود الظرفية الزمانية ، والمكانية ، التي يدعى منكرو السنة تقييدها بها :
خذ إليك - مثلاً - قوله - صلى الله عليه وسلم - :
"تكونوا إمَّعة ، تقولون : إن أحسن الناس أحسناً ، وإن ظلموا ظلمنا ؟ ولكن وطنوا أنفسكم ، إن أحسن الناس أن تحسنوا ، وإن أساءوا فلا تظلموا" رواه الترمذي في باب البر والصلة عن حذيفة.
تأمل المعاني السامية التي تتجلى في هذه التوجيه النبوي الرفيع أنه يدعو غلى ما يسمى الآن بـ "قوة الشخصية" واستقلالها ، وأن لا تكون الأمة ، ولا فرد منها عبداً للتقليد الأعمى ، تعيش فاقجة التمييز والإرادة ، لا بصر لها بالأمور. تجري وراء كل ناعق ، لا تملك أن تقول (لا) ولا تملك أن تقول (نعم) وإنما تسلس قيادها لغيرها ، فتلغي وجودها من الحياة.
ومن كان هذه شأنه فهو في عداد الحيوانات العجماوات المدريات على الخسف والإذلال.
(1/126)

ولن تستطيع الأمة أن تحدد لها مواقف خاصة بها ، إلا بعد وعي وبصر بحقائق الأمور ، لتعرف متى تقول "لا" ومتى تقول "نعم".
والفرد مثل الأمة في هذا الميدان ، أما أن يكون كالريشة ، تعبث بها الرياح كيف تشاء ، أو يكون كالجبل الأصم ، لا تنال منه عوامل المحور والقرض والتعرية.
فقل لي بربك : هل هذا التوجيه النبوي السديد ، وهل هذه التربية الراشدة لم تكن صالحة إلا في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أم هي صالحة لكل الأزمنة ، ولكل الأمكنة مهما تباعدت عن زمن النبوة وموطنها الأول.
إن أمتنا الآن انتابتها حالة مفزعة من الضياع ، حين صارتى "إمَّعة" لا موقف لها ولا رأي ، حتى في الأمور التر تراد بها هي نفسها. وقد قوَّى ضعفُها من تبعيتها المهينة لمن لا يرعى فينا عهداً ولا موثقاً.
ومثل آخر ، هو قوله - صلى الله عليه وسلم - :
"أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس" رواه ابن أبي الدنيا والأصبهاني هذا الحديث من جوامع الكلم كما ترى ، وقد أورده النبي - صلى الله عليه وسلم - في صدر حديث جواباً عن سؤال وُجَّه إليه ، ولم نذكر بفيته اختصاراً.
وهو - كما ترى - تفجير لطاقات الخير الكامنة في أهل المرءوة والفضل من الناس. وحين يتمكن هذا التوجيه في القلوب تصبح الحياة ساحة للتنافس في صنع الخير ، ليكون صانع الخير مع الناس أحب عباد الله إلى الله ، وفي شيوع الخير في المجتمع محو للشرور والأنانية البغيضةن التي تولد الضغائن بين الناس ، حتى يصبح كل إنسان حرباً على الآخر ، ويزول كل طعم جميل للحياة ، ونسأل منكري السنة هذا السؤال ونتركه بلا جواب ، لأنه معروف.
هل هذا الحديث أصبح الآن "عملة زائفة" ، أو هو روح فياضة بالتراحم والتآلف ؟.
* * *
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://telbana.alafdal.net
admin
المدير العام

المدير العام
admin


عدد المساهمات : 1578
الجنس : ذكر
تاريخ التسجيل : 27/06/2008

شبهات إنكار السنة (21 22) Empty
مُساهمةموضوع: رد: شبهات إنكار السنة (21 22)   شبهات إنكار السنة (21 22) Icon_minitimeالخميس 07 أكتوبر 2010, 8:48 pm

شكرا لك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://telbana.alafdal.net
تلبانه _تلبانه
V I P
V I P
avatar


عدد المساهمات : 7224
الجنس : ذكر
تاريخ التسجيل : 08/06/2010

شبهات إنكار السنة (21 22) Empty
مُساهمةموضوع: رد: شبهات إنكار السنة (21 22)   شبهات إنكار السنة (21 22) Icon_minitimeالجمعة 08 أكتوبر 2010, 2:05 pm

جزيت خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شبهات إنكار السنة (21 22)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» شبهات إنكار السنة (2)
» شبهات إنكار السنة 18 17
» شبهات إنكار السنة 16
» شبهات إنكار السنة (15)
» شبهات إنكار السنة (14)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي  :: المنتديات الإسلامية :: المنتدي اللغوي والإسلامي-
انتقل الى: