السؤال:
ما حكم إهمال بعض الآباء لبيوتهم وأبنائهم في رمضان بدعوى العبادة؟
الإجابة:
إن من أبواب الخير في رمضان الاشتغال بالطاعات والقربات واجبها ومستحبها من الصلاة والعمرة وغير ذلك من العبادات، وهذه الطاعات مراتب ودرجات، الجهل بمراتبها وفقه درجاتها يفوّت على العبد خيراً كثيراً وأجراً كبيراً، فلا يجوز للعبد أن يشتغل بالمستحبات ويضيع الواجبات، روى البخاري في صحيحه (6502) من طريق عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى قال: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه..." فما يفعله بعض إخواننا من تضييع أولادهم ذكورا وإناثاً بسبب الاشتغال بالطاعة في شهر رمضان من العمرة أو الاعتكاف أو القيام أو غير ذلك من الإحسان، أو بسبب الاشتغال بالأعمال الدنيوية أو الاجتماعات والسهرات تفريط فيما أوجب الله تعالى من حفظ الذرية وصيانة الأهل، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6].
فلا يجوز لأولياء الأمور الإخلال بهذا الواجب والتعذر بالانشغال بالعبادات المستحبة فإنهم يقيمون سنة ويهدمون فرضاً، والناظر إلى هدي نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام يري أنه صلى الله عليه وسلم في أوج اشتغاله بالطاعات في العشر الأواخر التي يجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها كما في صحيح مسلم (1175) من طريق الأسود بن يزيد يقول: قالت عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره"، ومع هذا الاشتغال لم يكن يغفل عن أهله، بل كان يوقظهم للصلاة كما في البخاري (2024) ومسلم (1174) من طريق مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله" وهذا واحد من أحاديث عديدة تبرز عناية النبي صلى الله عليه وسلم بأهله مع اشتغاله بعبادة ربه واغتنام المواسم الفاضلة.
وإنني أحذر الآباء والأمهات من التفريط فيما أوجب الله عليهم من رعاية أولادهم الذكور والإناث، فإن عواقب ذلك خطيرة يصطلي بنارها الأولاد ووالدوهم. حفظ الله الجميع من سيء القول والعمل وأعاننا على أداء الأمانة.