أحمد محمد شاكر
مولده:
: ولد بعد فجر يوم الجمعة 29 جمادى الآخرة سنة 1309هـ الموافق 29 من يناير سنة 1892 ( وهي نفس السنة التي ولد فيها الشيخ: محمد حامد الفقي مؤسس الجماعة )، وكان مولده بدرب الإنسية قسم الدرب الأحمر بالقاهرة، وسماه أبوه ( أحمد شمس الأئمة، أبو الأشبال ).
هو أحمد بن محمد شاكر بن أحمد بن عبد القادر من آل أبي علياء، ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب.( 1309 1377هـ 1892 1958م
والده: هو الإمام العلّامة الشيخ: محمد شاكر، شغل منصب وكيل الأزهر الشريف، وأبوه وأمه جميعًا من مديرية جرجا ((محافظة سوهاج)) بصعيد مصر.
لما عين والده الشيخ محمد شاكر قاضيًا بقضاء السودان 1900م أخذه معه وأدخله كلية غورون، فبقي بها حتى عودة والده إلى الإسكندرية سنة 1904م، فالتحق بمعهد الإسكندرية.
وفي سنة 1327هـ الموافق 1909م عين والده الشيخ محمد شاكر وكيلًا لمشيخة الأزهر الشريف، فالتحق الشيخ: أحمد شاكر وأخوه (علي) بالأزهر، فاتصل بعلماء القاهرة ورجالها وعرف طريق دور الكتب العامة والمكتبات الموجودة في مساجدها.
وقد حضر في ذلك الوقت إلى القاهرة الأستاذ عبد الله بن إدريس السنوسي عالم المغرب ومحدثها، فتلقى عنه طائفة كبيرة من (( صحيح البخاري))، فأجازه هو وأخاه برواية البخاري. كما أخذ عن الشيخ محمد بن الأمين الشنقيطي كتاب (( بلوغ المرام)).
كما كان من شيوخه أيضًا الشيخ أحمد بن الشمس الشنقيطي (( عالم القبائل الملثمة))، وتلقى أيضًا عن الشيخ شاكر العراقي فأجازه، وأجاز أخاه عليًّا بجميع كتب السنة.
كما التقى بالقاهرة من علماء السنة الشيخ: طاهر الجزائري ((عالم سوريا))، والأستاذ محمد رشيد رضا (( صاحب المنار)).
حصل على شهادة العالمية بالأزهر سنة 1917م، فعين مدرسًا بمدرسة ماهر. ثم عين عضوًا بالمحكمة الشرعية العليا، وظل في سلك القضاء حتى أحيل إلى التقاعد سنة 1951م، عمل مشرفًا على التحرير بمجلة (( الهدي النبوي)) سنة 1370هـ، وكان يكتب بها مقالاً ثابتًا ب: (( اصدع بما تؤمر كلمة الحق))، وقد طبعته دار الكتب السلفية.
مكانته العلمية:
كان والده الشيخ: محمد شاكر هو صاحب الأثر الكبير في توجيه الشيخ أحمد شاكر إلى معرفة كتب الحديث منذ عام 1909م، فلما كانت سنة 1911م اهتم بقراءة (( مسند أحمد بن حنبل)) رحمه الله، وظل منذ ذلك التاريخ مشغولًا بدراسته حتى بدأ في طبع شرحه على (( المسند)) سنة 1365هـ الموافق 1946م، وقد بذل في تحقيقه أقصى ما يستطيع عالِم من جهد في الضبط والتحقيق والتنظيم، وعاجلته المنية دون أن يتمكن من مراجعته، ولم يقدر أحد أن يكمله على النمط الذي خطه الشيخ أحمد شاكر، فقد كان المقدر لفهارس (( المسند)) أن يكون المدار فيها على مسارب شتى من المعاني التفصيلية التحليلية الدقيقة، ولقد كان الشيخ أحمد شاكر كما يقول عنه المحقق الأستاذ عبد السلام محمد هارون: (( إمامًا يَعْسر التعريف بفضله كل العُسْر، ويقصر الصنع عن الوفاء له كل الوفاء)).
وقال عنه الشيخ محمود محمد شاكر: ( وهو أحد الأفذاذ القلائل الذين درسوا الحديث النبوي في زماننا دراسة وافية، قائمة على الأصول التي اشتهر بها أئمة هذا العلم في القرون الأولى، وكان له اجتهاد عُرف به في جرح الرجال وتعديلهم، أفضى به إلى مخالفة القدماء والمحدثين، ونصر رأيه بالأدلة البينة، فصار له مذهب معروف بين المشتغلين بهذا العلم على قلتهم ).
وكان لمعرفته بالسنة النبوية ودراستها أثر كبير في أحكامه، فقد تولى القضاء في مصر أكثر من ثلاثين سنة، وكان له فيها أحكام مشهورة في القضاء الشرعي، قضى فيها باجتهاده غير مقلد ولا متبع.
قُلْتُ: إذا كان الشيخ محمد حامد الفقي صاحب باع كبير في تفسير القرآن الكريم وتحقيق كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، فإن رفيقه في محبة شيخ الإسلام ابن تيمية هو الشيخ أحمد شاكر، فقد كان صاحب اليد الطولى في تحقيق كتب السنة النبوية وغيرها، فأصبح بذلك العالم المحدث المفسر الفقيه اللغوي الأديب القاضي والصحفي، وقد قاما معًا بـإخراج (( تهذيب سنن أبي داود)).
تصانيفه العلمية والفقهية:
أما فضله العام في دنيا التأليف والتحقيق فقد يكفى أن نذكر جهوده في إخراج (1)-رسالة الشافعي (( كتاب الرسالة))،
(2)-(( مسند أحمد بن حنبل))، وقد طبعته دار المعارف ضمن سلسلة (( ذخائر العرب))،
(3)-و تحقق كتاب ((الشعر والشعراء لابن قتيبة))،
(4)- و(( لباب الأدب لأسامة بن منقذ))،
(5)-كتاب (( المعرب للجواليقي))،
(6)-ومن أظهر أعماله وأنفعها: شرحه المستفيض لكتاب الحافظ ابن كثير (( اختصار علوم الحديث)) في مجلد كبير،
ونجد له في مجال التفسير
(7)- (( عمدة التفسير)) تهذيبًا لتفسير ابن كثير، وقد أتم منه خمسة أجزاء.
(8)تفسير الطبرى
وفي مجال الفقه وأصوله
(9)- (( الأحكام)) لابن حزم،
(10)_ وجزأين من ((المحلى)) لابن حزم،
(11) (( العمدة في الأحكام)) للحافظ عبد الغني المقدسي،
وإنتاجه في هذا المجال لا يحيط به مقال، أما عن أهم ما ألفه رحمه اللَّه فهو كتاب :_
(12)_(( نظام الطلاق في الإسلام)) دل فيه على اجتهاده وعدم تعصبه لمذهب من المذاهب، وله فيه آراء أثارت ضجة عظيمة بين العلماء، لكنه لم يتراجع ودافع عن رأيه بالحجة والبرهان، كما طبعت له أخيرًا مكتبة السنة رسالتين هما
(13)_ (( الكتاب والسنة يجب أن يكونا مصدر القوانين))
(14)_(( كلمة الفصل في قتل مدمني الخمر)).
15- تحقيق تفسير الإمام معين الدين .
وأخيرًا فقد كان للشيخ أحمد شاكر قدرته العظيمة على ضبط الأصول الصحيحة، وكذا ضبط الاستنباط فيها ضبطًا لا يشوبه خطأ ويندر فيه الخلل.
فرحم الله هذا العالم المحقق، وبعث في هذه الأمة من يعوضها عن فقده، ويقوم بإتمام ما ابتدأه. إنه ولى ذلك والقادر عليه.
وفاته:
توفي رحمه اللَّه في السادسة بعد فجر يوم السبت الموافق 26 من ذي القعدة سنة 1377هـ، الموافق 14 من يونيه سنة 1958م.
المصدر شبكة المنهاج الاسلامية