الله اكبر، الله اكبر، الله اكبر، الله اكبر، الله اكبر، الله اكبر، الله اكبر كبيراً والحمد لله كثيراً، أما بعد
عباد الله،
لقد شرع الاسلام لنا عيدين هما عيد الفطر وعيد الأضحى، فعن أنس رضي اللهعنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: >إن الله قد أبدلكم بهما خيراًمنهما: يوم الأضحى ويوم الفطر< رواه أبو داود وأحمد. عباد الله، لقدكرم الاسلام أمته بأن جعل لها هذين العيدين، فعيد الأضحى يوم مبارك منأيام الله، وهو مشروع من عند الله، يأتي هذا العيد بعد وقوف حجاج بيت اللهعلى عرفات وهو النسك الذي تكتمل به فريضة الحج، كما يأتي عيد الفطر بعدإكمال المسلمين المكلفين صيام شهر رمضان المبارك، وهكذا نرى أن مشروعية كلمن هذين العيدين الفطر والأضحى ترتبط بركن من أركان الاسلام: الحج والصوم.واليوم ونحن نعيش عيد الأضحى المبارك، فإن الدين الاسلامي علمنا كيف نعيشأعيادنا الاسلامية باهدافها وآدابها السامية، لتبقى تلك الأعياد محطاتإيمانية، تذكرنا بالأحداث المجيدة في تاريخ أمتنا العظيمة، وحتى يكونالمسلمون على مستوى الخيرية التي أرادها الله لهم عندما قال: >كنتم خيرأمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله<سورة آل عمران الآية (110).
وقد سمي عيد الأضحى المبارك بالأضحى لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد شرعلأمته الأضحية فيه، وهي سنة مؤكدة تذكرنا بالفداء الذي قصه علينا القرآنالكريم في قصة ابراهيم مع ولده اسماعيل عليهما السلام، حيث أظهر ابراهيمعليه السلام حبه وطاعته لله عز وجل بامتثال أمره في ذبح ولده، الذي جاءهعلى الكبر ولكم ان تتصوروا محبة الأب لابنه وخوفه عليه في هذه الحالة فإذاضحى به يكون قد ضحى بعزيز ولكن تنفيذ امر الله اعز من كل شيء. وزيادة علىهذا فإن الذابح لابنه هو الوالد نفسه، والابن لم يعترض على ابيه ولم يقلانها اضغاث احلام او غير ذلك، بل استجاب لأمر الله وأطاع والده، قالتعالى: >فلما بلغ معه السعي قال يابني إني أرى في المنام أني أذبحكفانظر ماذا ترى، قال ياأبت افعل ماتؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين،فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن ياأبراهيم قد صدقت الرؤيا، إنا كذلكنجزي المحسنين، إن هذا لهو البلاء المبين، وفديناه بذبح عظيم< الصافاتالآيات 102-107 .
ففي عيد الأضحى المبارك يتقرب الموسر من المسلمين الى الله تعالى بذبحالأضاحي شكراً له سبحانه على ما أسبغ عليهم من نعم، وكشف عنهم من ضر،تأسياً بأبيهم ابراهيم عليه السلام، قال تعالى: >إنا أعطيناك الكوثر،فصل لربك وانحر< سورة الكوثر، ولقد أرشدنا القرآن الكريم الى السر الذييتقبل الله به تلك الأضحية، الا وهو الاخلاص والتقوى، شأن كل التكاليفالشرعية، فلا يكفي في تقبل الطاعة شكلها ولا صورتها، وإنما يرفعها إليهالاخلاص والتقوى، وهو المعنى المقصود بقوله تعالى: >لن ينال اللهلحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم< سورة الحج الآية (37)، كمالا يناله من الصلاة الحركات والسكنات ولامن الصوم ترك المأكولاتوالمشروبات ولكن يناله منهما ما يحملان من معاني الخشوع ومراقبة القلبوحسن النيات، وصدق الله العظيم: >إنما يتقبل الله من المتقين< سورةالمائدة الآية (27).
عباد الله:
إن من أهداف الاسلام أن يبقى المسلم موصولاً بخالقه سبحانه حتى في أعيادهالتي هي محل الفرح والسرور والتمتع بالطيبات، ولذلك شرعت صلاة العيد وشرعالتكبير في أيام عيد الأضحى المبارك، وطلب منا النبي الكريم ان نبتهج فيالعيد وأن نكثر فيه من التهليل والتكبير والتحميد، وفي الحديث الشريف:>زينوا اعيادكم بالتكبير< رواه الطبراني، وتلك غاية المؤمن، أن يكونالله أكبر من كل شيء في نفسه، فما أجمل اصواتهم وهي ترتفع في عزة وابتهاج: الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبرولله الحمد، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزمالأحزاب وحده، إنه النشيد الخالد بالثناء على الله وشكره على الهداية، قالتعالى : > ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون< سورة البقرةالآية (185).
إنه النشيد الذي يربط المسلمين بتاريخهم فهو يذكرهم بنصرة الله لنبيه محمدصلى الله عليه وسلم وبهزيمة الأحزاب وتحقيق وعد الله تعالى القائل سبحانه>وجعل كلمة الذين كفروا السفلى، وكلمة الله هي العليا والله عزيزحكيم< سورة التوبة الآية (40). ومن آداب العيد التزاور بين المسلمينوبخاصة زيارة الوالدين وبرهم، فقد قرن الله طاعته بالاحسان إليهما، فقالسبحانه: >وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً< ثمزيارة الجيران بعضهم لبعض، حيث أوصى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلمبالاحسان إليهم وعدم إيذائهم، ولو برائحة الطبخ، فقال عليه الصلاةوالسلام: >ولاتؤذه بقتار قدرك إلا أن تغرف له منها< رواه الطبراني.وقد أوصى الشارع الحكيم أيضاً بصلة الأرحام فقال تعالى: >وآت ذا القربىحقه< سورة الاسراء الآية (26)، ولهؤلاءجميعاً حقهم في الأضحية،فالأضحية تكافل اجتماعي وعطف على الفقراء والمساكين وتوسعة على العيال.وهذه الزيارات تعمق الألفة والمحبة ثم التهنئة والتبريك، وهي ان يقولالرجل للرجل: >تقبل الله طاعتكم< فيرد عليه : >تقبل الله مناومنك< أي الدعاء بقبول الطاعة، ولا بأس بصيغ أخرى للتهنئة من مثل كلعام وانتم بخير. ويؤكد الاسلام الحنيف على وجوب الترابط والتواصل بينالمسلمين، ليربط القلوب بعضها مع بعض ، بالمحبة، فقد قال عليه الصلاةوالسلام >لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكمعلى شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم< رواه مسلم. كما أكدالاسلام على زيارة المرضى ومواساة الفقراء والمحتاجين واليتامى والتخفيفعن اصحاب المآسي والمصائب بالكلمة الطيبة، والهدية المقدور عليها والصدقةالمتيسرة، فادخال السرور على الناس عبادة ففي الحديث الشريف: >من نفسعن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة<رواه مسلم وفي الحديث ايضاً: >المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضهبعضاً< رواه البخاري ومسلم. ومن آداب العيد ان يحفظ المسلم العيد منالعبث والمنكر، فالاسلام شرع الفرح لكنه جعل له ضوابط شرعية فلا لغو ولامنكر ولا تجاوز لحدود الشرع الحنيف، لافي أكل أو شرب أو لباس او اجتماع أوكلام، بل يجب أن يكون المسلم ملتزماً بآداب الاسلام على الدوام، في العيدوغير العيد.
ان الاعياد في الاسلام اعياد دينية فلا تحولوها الى اعياد دنيوية، العيدبهجة واحسان وبر صلة للأرحام، وعطف على الفقراء والمساكين والأيتام، العيدفرح وسرور منضبط بقواعد الشرع. العيد إدخال البهجة على الأسرة والوالدينوالزوجة والأبناء والأهل والأقارب العيد فرصة للإصلاح، وخيرههما الذي يبدأبالسلام. كما أن من آداب العيد التجمل وأخذ الزينة في حدود ماشرع اللهتعالى، فالإسلام كما يهتم بجوهر الانسان يدعو الى حسن مظهره وأخذ زينته معمراعاة ان لايكلف الناس أنفسهم ما لا يطيقونه اقتصادياً في العيد وغيره،لان الاسراف مذموم، قال تعالى: >وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لايحبالمسرفين<. كما يذكرنا العيد بوحدة المسلمين، بوحدتهم في توحيدهم للهوطاعتها له، فتتوحد مشاعرهم على المحبة والمودة والتناصر والتناصح فيمختلف قضاياهم وشوؤنهم، كما يذكرهم العيد بمحن ومتاعب المسلمين ليكونوامعاً في نصرتهم ومعونتهم، لان الاسلام يفرض على اتباعه ان يكونوا جميعاًعلى اهتمام بقضاياهم، ففي الحديث: >لمن لم يهتم بأمر المسلمين فليسمنهم< رواه البيهقي والطبراني<. أيها الناس : إن الفداء مبدأ هام فيحياة الأمة، ولن تستطيع أمة أن تحمي نفسها وتنهض وتحافظ على كيانهاومقدساتها إلا بالتضحية، وتاريخنا المشرق يحدثنا عن أهمية التضحية، وكيفضحى المسلمون الأوائل وما يزالون يضحون في سبيل عزة الدين ونشره وحمايةالأرض والمقدسات والأوطان، فهذه الخنساء رضي الله عنها في الماضي ادركتأهمية التضحية وضربت المثل الرائع في الصبر والثبات عندما استشهد أولادهاالأربعة في سبيل الله، وكذلك المسلمون اليوم يضربون المثل في تضحياتهم منأجل دينهم في كل بقعة من بقاع الدنيا إيماناً منهم بأهمية التضحية ودورهافي حياة الأمة وعزتها ونهضتها. فياأيها المسلمون هذا يوم عيدكم فأكثروافيه من ذكر الله واجعلوه عيد خير ووئام لتصفو النفوس وترتاح القلوب،وليصفح أهل الصفح عن المسيء من إخوانهم لتحل المودة والرحمة في القلوب،فنكون خير أمة أخرجت للناس. قال صلى الله عليه وسلم: >افشوا السلام،واطعموا الطعام،وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام< أو كماقال صلى الله عليه وسلم.
الرئيسية 
البوابة 
التسجيل 
دخول 
السبت 18 سبتمبر 2010, 4:18 pm
بارك الله فيك