الانكحة التي هدمها الاسلام فمن ذلك : نكاح الخدن : كانوا يقولون : ما استتر فلا بأس به وما ظهر فهو لؤم . وهو المذكور في قول الله تعالى : ( ولا متخذات أخدان ) . ومنها : نكاح البدل : وهو أن يقول الرجل للرجل : أنزل لي عن امرأتك وأنزل لك عن امرأتي وأزيدك . رواه الدار قطني عن أبي هريرة بسند ضعيف جدا . وذكرت عائشة غير هذين النوعين فقالت : كان النكاح في الجاهلية على أربعة أنحاء ( 1 ) : ( 1 ) نكاح الناس اليوم : يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته ، فيصدقها ثم ينكحها . ( 2 ) ونكاح آخر : كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها ( 2 ) ، أرسلي إلى فلان فاستضعي منه ( 3 ) ، ويعتزلها زوجها حتى يتبين حملها . فإذا تبين ، أصاب إذا أحب . وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد . ويسمى هذا النكاح الاستبضاع . ( 3 ) ونكاح آخر : يجتمع الرهط ( ما دون العشرة ) على المرأة فيدخلون ، كلهم يصيبها ، فإذا حملت ووضعت ، ومر عليها ليال ، أرسلت إليهم ، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع ، حتى يجتمعوا عندها ، فتقول لهم : قد عرفتم ما كان من أمركم ، وقد ولدت ، فهو ابنك يا فلان ، تسمي من أحبت باسمه فيلحق به ولدها ، لا يستطيع أن يمتنع منه الرجل .
( 1 ) انحاء : انواع . ( 2 ) طمثها : حيضها . ( 3 ) استبضعي : اطلبي منه المباضعة ، أي الجماع لتنالي به الولد فقط ( 4 ) ونكاح رابع : يجتمع ناس كثير ، فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها - وهن البغايا ( 1 ) - ينصبن على أبوابهن رايات تكون علما ، فمن أرادهن دخل عليهن . فإذا حملت إحداهن ووضعت ، جمعوا لها ، ودعوا لهم القافة ( 2 ) ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون ، فالتاط به ( 3 ) ودعي ابنه ، لا يمتنع من ذلك . فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم بالحق ، هدم نكاح الجاهلية إلا نكاح الناس اليوم . وهذا النظام الذي أبقى عليه الاسلام ، لا يتحقق إلا بتحقق أركانه من الايجاب والقبول ، وبشرط الاشهاد . وبهذا يتم العقد الذي يفيد حل استمتاع كل من الزوجين بالاخر على الوجه الذي شرعه الله . وبه تثبت الحقوق والواجبات التي تلزم كلا منها .