هل يباح الخمر للعلاج ؟ وقد اتفق العلماء على إباحة الحرام للمضطر ولم يختلف منهم أحد . وإنما اختلفوا في التداوي بالخمر ، فمنهم من منعه ومنهم من أباحه ، والظاهر أن المنع هو الراجح ، فقد كان الناس في الجاهلية قبل الاسلام يتناولون الخمر للعلاج . فلما جاء الاسلام نهاهم عن التداوي به وحرمه ، فقد روى الامام أحمد ومسلم وأبو داود و الترمذي عن طارق بن سويد الجعفي أنه سأل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عن الخمر فنهاه عنها فقال : إنما أصنعها للدواء . فقال : " إنه ليس بدواء ، ولكنه داء " . وروى أبو داود عن أبي الدرداء أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن الله أنزل الداء والدواء ، فجعل لكل داء دواء ، فتداووا ولا تتداووا بحرام " . وكانوا يتعاطون الخمر في بعض الاحيان قبل الاسلام اتقاء لبرودة الجو ، فنهاهم الاسلام عن ذلك أيضا . فقد روى أبو داود أن ديلم الحميري سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إنا بأرض باردة ، نعالج فيها عملا شديدا ، وإنانتخذ شرابا من هذا القمح نتقوى به على أعمالنا وعلى برد بلادنا . قال رسول الله : هل يسكر ؟ قال : نعم . قال : فاجتنبوه ، قال : إن الناس غير تاركيه . قال : فإن لم يتركوه فقاتلوهم " . وبعض أهل العلم أجاز التداوي بالخمر بشرط عدم وجود دواء من الحلال يقوم مقام الحرام ، وأن لا يقصد المتداوي به اللذة والنشوة ، ولا يتجاوز مقدار ما يحدده الطبيب . كما أجازوا تناول الخمر في حال الضطرار ، ومثل الفقهاء لذلك بمن غص بلقمة فكاد يختنق ولم يجد ما يسيغها به سوى الخمر . أو من أشرف على الهلاك من البرد ، ولم يجد ما يدفع به هذا الهلاك غير كوب أو جرعة من خمر ، أو من أصابته أزمة قلبية وكاد يموت . فعلم أو أخبره الطبيب بأنه لا يجد ما يدفع به الخطر سوى شرب مقدار معين من الخمر . فهذا من باب الضرورات التي تبيح المحظورات .