زواج المرأة بلا ولي صحيح شرعا ً!
جدل واسع أثارته فتوى جريئة للدكتور علي جمعة مفتي مصر، مؤداها أنه من حق المرأة البالغة الرشيد، سواء كانت بكراً أم ثيِّباً، أن تزوج نفسها دون شرط الولي. وقد انقسم علماء الدين حول تلك الفتوى فريقين، ما بين مؤيد ومعارض، ولكل فريق أدلته، فماذا قالوا؟
أت القضية التي انطلقت منها الفتوى بطلب مقدم إلى دار الإفتاء المصرية برقم 2036، يقول صاحبه: «تزوجت من امرأة تحمل الجنسية الإماراتية، وهي ثيِّب، وتبلغ من العمر سبعاً وثلاثين سنة. وتم عقد الزواج عند محام، بشهود ومهر ومكتمل الشروط عدا الولي، الذي لم يكن موافقاً على الزواج، بحجة اختلاف الجنسية، وبعد كتابة العقد أقمت دعوى صحة توقيع، وحكمت المحكمة فيها لصالح زواجنا، ثم وثَّقت هذا الحكم في كل من وزارة العدل ووزارة الخارجية والسفارة الإماراتية، ثم أشهرت الزواج للجميع، حتى أهل الزوجة، ولكن والد زوجتي لجأ إلى المحكمة في دولة الإمارات، مدعياً عدم شرعية هذا الزواج لعدم توافر شرط الولي، فهل هذا الزواج صحيح شرعاً؟».
أجاب الدكتور علي جمعة بأن الولاية في النكاح نوع من الرعاية التي كفلها الشرع للمرأة حفاظاً عليها، وهي تبدأ مرحلة مهمة من حياتها. وقد راعى الشرع، عند وضع أحكام هذه الولاية، أن تقوم على معاني الشفقة على المرأة، ونصرتها، وعونها. ورأى الإمام أبو حنيفة أن البالغ الرشيد لا ولاية لأحد عليها، فلها أن تزوج نفسها، بأن تباشر عقد زواجها، بكراً كانت أو ثيِّباً، وحصر الولاية الحقيقية في الصغيرة غير البالغة، وجعل الولاية على البالغة الرشيد وكالة وليست ولاية. وقد أخذ القانون المصري بمذهب الحنفية، فجعل للمرأة البالغة تزويج نفسها، ويعد زواجها صحيحاً بشروط هي الكفاءة والمهر والإشهار والشهود.
وقال: «جعل الشرع البلوغ بدءاً لكمال العقل، وجعل أيضا البلوغ بالسن معتمداً إذا لم تظهر علامات البلوغ الأخرى. وقد اختلف الفقهاء في سن البلوغ، فرأى الشافعية والحنابلة والصاحبان أبو يوسف ومحمد أنها خمس عشرة سنة قمرية للذكر والأنثى، ورأى المالكية أنها ثماني عشرة سنة، ووردت تحديدات أخرى، فقيل خمس عشرة سنة، وقيل سبع عشرة سنة، وقيل تسع عشرة سنة. أما أبو حنيفة فقد فصل فجعل سن بلوغ الغلام ثماني عشرة سنة والفتاة سبع عشرة سنة».
تحذير
وأيد الأستاذ في جامعة الأزهر الدكتور أحمد السايح الفتوى، مؤكداً أنها منصفة للمرأة، بشرط أن تكون رشيداً وبالغة، تعي مصلحتها، وليست مراهقة طائشة.
وبرر السايح تأييده للفتوى بأنه «إذا كان الأب، أو غيره، لا يملك التصرف في مال ابنته، البكر البالغ، بغير رضاها، فكيف يملك التصرف في نفسها ومستقبلها، ومن المعروف، شرعاً وعقلاً، أن النفس فوق المال، بل إن الخسارة في المال أمر هين، مقارنة بالضرر نتيجة زواجها بغير رضاها، ولهذا أعطى الإسلام للمرأة البالغة العاقلة، بكراً كانت أو ثيِّباً، كامل الحرية في رفض من لا ترضاه لها زوجاً، ولا يحق لأبيها أو وليها أن يجبرها على من لا تريده، وأحذر من يفعل عكس هذا لأنه يكون آثماً شرعاً، ومن حقها رفع أمرها للقضاء لرفع الظلم عنها».