منع الضرر
يؤكد العميد السابق لكلية الشريعة والقانون وعضو مجمع البحوث الإسلامية الدكتور حامد أبو طالب أنه «ليس هناك أي مانع في الأخذ بتلك الفتوى، وذلك بعد أن يجلس المسؤولون في الأزهر مع الأطباء، ويوضحوا لهم الحقائق الطبية كاملة عن المرض، ووضع الحوامل في ضوئه بهدف حماية النفس والنسل.
والقاعدة الشرعية أوضحها الحديث النبوي، الذي يقول فيه صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار»، وإذا كان الإسلام قد نهى عن الإضرار بالبشر عامة فما بالنا بالزوجة التي جعلها الله سكناً ورحمةً ومودةً لزوجها، حيث قال: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمةً إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون» (آية ٢١ سورة الروم)».
وأضاف: «ينبغي ألا نصدر فتوى عامة بأن تمنع كل سيدة نفسها من الحمل خوفاً من الإصابة بالوباء، فذلك أمر يُخالف الشرع، لأنه لا يجوز الأخذ بهذه الفتوى على إطلاقها ودون ضوابط شرعية وطبية، وفي الوقت نفسه على المرأة الذهاب الى الطبيب الثقة الذي يخاف الله لفحص حالتها، فإذا قرر أنها ستكون عرضة للإصابة بالمرض في حالة الحمل فيجوز لها تأجيل الحمل أو منعه موقتاً. وإذا ما تراجع انتشار الوباء فلا يجوز لها المنع لزوال أسبابه، وليس من حق الزوج إجبار زوجته على المغامرة بحياتها من أجل الإنجاب».
لا للمبالغة
وتؤكد العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في بورسعيد -جامعة الأزهر- الدكتورة عبلة الكحلاوي أن الضرورات في الإسلام تبيح المحظورات، «خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالحياة التي هي أغلى ما وهبه الله للإنسان، ولا شك أن الأطباء هم «أهل الذكر» الذين يجب أن تكون الفتاوى الصادرة بشأن تأجيل أو منع الحمل مبنية على كلامهم الذي سيسألهم الله عليه.
ولهذا يجب عدم المبالغة في الاحتياطات، مما قد يجعلنا ننتقل من المباح إلى المحرم إذا تم منع الحمل دون ضرورة، مع التأكيد أن كل امرأة حالة مستقلة بذاتها، ولا يجوز تعميم الحكم الشرعي بمنع الحمل أو تأجيله إلا إذا قرر الأطباء ذلك بوجه عام بعد أن يتحول انتشار الوباء إلى كارثة تحصد الأرواح.
تحذيرات طبية
ويفسر أستاذ النساء والولادة والعميد الأسبق لطب الأزهر الدكتور جمال أبو السرور أسباب تزايد احتمالات الإصابة بين الحوامل قائلاً: «خلال فترة الحمل يشهد جسد الحامل تغيرات هرمونية على مستوى التمثيل الغذائي، و يحدث اختلاف في عمل أجهزة المناعة والتنفس والقلب والأوعية الدموية، وتتضاءل قدرة الرئتين بسبب تمدد الرحم الذي يضغط على الحجاب الحاجز الفاصل بين التجويف الصدري والبطن.
وفي ظل التزايد المستمر لحالات الإصابة، فإنه من الأفضل تأجيل الحمل أو منعه موقتاً باستخدام الوسائل الآمنة والفعالة لمنع الحمل بشكل موقت، ولكن إذا حدث الحمل فلا يجوز الإجهاض».
ويضيف: تزداد أخطار الإصابة بأنفلونزا الخنازير بين المصابات بأمراض القلب والضغط والسكري والالتهاب الرئوي، والحساسية الشديدة والنزلات الشعبية،. ولم يتفق الأطباء بشكل نهائي وقاطع على العقار الأفضل للحوامل للوقاية أو العلاج من الوباء.
ويزداد الخطرة على الحوامل اللواتي هن أكثر استعداداً للإصابة بالأمراض بوجه عام، ولهذا يجب توعية الحوامل بما يمكن أن يتعرضن له من أخطار انتقال مرض أنفلونزا الخنازير إليهن، خاصة في الأشهر الثلاثة الأخيرة، مما يؤدي إلى ازدياد خطر إصابتهن بمضاعفات رئوية خاصة، وبحالات إجهاض مفاجئة وفقدان الجنين، لأن الحوامل معرضات للإصابة بمضاعفات المرض.
بما يزيد أربع مرات عن الآخرين. وتضاربت الأقوال حول انتقال المرض من الحامل الى جنينها، وإن كان من الأرجح أنه لا ينتقل».
وفي النهاية يقدم الدكتور أبو السرور مجموعة من النصائح التي ينبغي للحامل الالتزام بها وأهمها تجنب الاقتراب من المرضى بوجه عام، ومن يبدو عليهم الإعياء بسبب الحمى والسعال ، مع المحافظة الشديدة على النظافة الشخصية، وخاصة تكرار غسل الأيدي بالصابون والماء، والعادات الصحية مثل النوم الكافي والتوازن الغذائي بتناول الأطعمة المغذية لها ولجنينها، وتناول كمية وفيرة ومتنوعة من السوائل، والبقاء بالمنزل في جو جيد التهوئة وعدم الوجود في الأماكن المزدحمة، لأنه مع حدوث الحمل يحدث نوع من الضعف في عمل الجهاز المناعي لفترة موقتة، وبالتالي تكون الحامل أكثر عرضةً للإصابة بأي فيروس.