اختلف علماء الأزهر حول اجتهاد الدكتور علي جمعة مفتي مصر بجواز التيسير على النساء بمنعهن من المبيت بمشعر منى أثناء فريضة الحج حفاظاً عليهن من الزحام وانتشار أنفلونزا الخنازير، خاصة أن موسم الحج هذا العام سيكون في فصل الشتاء الذي يتكاثر فيه الفيروس.، فماذا قال المؤيدون والمعارضون؟
في البداية يعرض المفتي جمعة حكم الشرع في المبيت بمنى قائلاً: «الإسلام دين يسر، وإذا وجدت أي مشقة يجب التيسير. ولا شك أن التزاحم الشديد والمبيت بمنى ليلتين أو ثلاثاً قد يؤديان إلى انتشار الوباء مما يؤدي الى كارثة. ولهذا فكرنا في منع مبيت النساء بمشعر منى بناء على طلب من المؤسسة القومية للحج والعمرة التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي المصرية، وذلك استناداً إلى قوله تعالى: «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر» آية 185 سورة البقرة وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن خير دينكم أَيْسره، إن خير دينكم أَيْسره، إن خير دينكم أَيْسره» وفي حديث آخر «إنكم أمة أُريد بكم اليُسْر».
وأضاف: «إن المبيت في منى من مناسك الحج وقد اتفق الفقهاء على استحباب المبيت فيها ولكن اختلفوا هل تجب أم لا، فذهب الحنفية إلى أن المبيت فيها مستحب غير واجب لأنه رخص لعمه العباس عدم المبيت فلو كان واجباً لما رخص له، كما رخص للرعاة والسقاة بترك المبيت في منى وهذا ثابت في حديث عبد الله بن عباس: «استأذن العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له». وكذلك ما رواه عاصم بن عدي «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للرعاة أن يتركوا المبيت بمنى» لاشتغالهم بمصالح المسلمين رغم أن جمهور الفقهاء ذهبوا الى الوجوب لأن النبي صلى الله عليه وسلم بات في منى هذه الليالي. وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «أفاض رسول اللّه من آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق» وفعله للمبيت بمنى يدخل في قوله: «خذوا عني مناسككم».
وأنهى المفتي كلامه مؤكداً أن «المقصود بالمبيت المكوث فيها ولا يشترط لذلك النوم ولكن يحصل المبيت بمكوث أكثر الليل، فإذا مكث نصف الليل وزاد قليلاً حصل له المبيت سواء كان ذلك أول الليل أو آخره. ويسقط المبيت عن عاجز عنه كمريض والكبير أوالتائه وغيرهم ممن لم يتيسر لهم المبيت في منى فلا شيء عليهم لأنهم معذورون شرعاً.
فكل من لم يستطع المبيت في منى لشدة زحام وعدم توافر مكان صالح لمثله أو لأنه يشق عليه التكلفة والمؤونة ونحو ذلك من الأعذار فإنه يسقط عنه المبيت ولا شيء عليه ولا يشدد عليه لأن الواجب يسقط شرعاً بالعجز عنه أو المشقة الظاهرة في فعله، وهذا يختلف عمن ترك المبيت في منى بلا عذر فيجب عليه دم أي ذبح هدي ويفرقه على فقراء الحرم تعويضاً للواجب الذي تركه لما ثبت عن عبد الله بن عباس أنه قال: «من ترك من نسكه شيئاً أو نسيه فليهرق دماً».