أثار اجتهاد العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر الدكتورة آمنة نصير بجواز قيام المرأة بالأذان في المساجد، لعدم وجود نص شرعي يحرم ذلك، ردود فعل مختلفة لدى علماء الأزهر، فما هي الأدلة الشرعية التي استندت إليها نصير، وماذا يقول علماء الدين عن هذا الاجتهاد؟
الدكتور آمنة نصير: الشرع لا يحرم عمل المرأة مؤذنة
عرضت الدكتورة آمنة نصير لاجتهادها قائلة: «لا يوجد في الشريعة الإسلامية ما يحرم عمل المرأة مؤذنة لأن صوت المرأة ليس بعورة. وهكذا لا يوجد نص يحرم قيام المرأة برفع صوتها بالأذان. والأصل في الأحكام الشرعية الإباحة ولا تحريم إلا بنص، وعدم قيامها بالأذان ما هو إلا تقليد اجتماعي لا علاقة له بالدين».
وأشارت إلى أن بعض علماء الإسلام يطلق حكماً بتحريم أذان المرأة في المسجد رغم عدم وجود نص شرعي من القرآن أو السنة النبوية الصحيحة.
و«من المتفق عليه أن الضرورة تقدر بقدرها، بمعنى أنه إذا كان عدد المسلمين في بلد غير مسلم قليلاً، ولا يوجد بينهم رجل يستطيع أن يؤذن لأي سبب من الأسباب، وأذنت المرأة فلا حرمة في ذلك، ولم ترتكب إثماً، وذلك لقوله تعالى: «فمن اضطر غير باغٍ و لا عادٍ فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم» (آية ١٧٣ سورة البقرة).
وتحذر نصير من غلبة الأعراف الاجتماعية علي أحكام الشرع في بعض القضايا رغم عدم وجود نص بالتحريم، «وفي هذه الحالة يتحول العرف إلى دين يلتزم الناس به دون أن يعرفوا الأحكام الشرعية الصحيحة، ومن تلك القضايا منع المرأة من الأذان بحجة أنه محرم شرعاً، مع أنه في الحقيقة عرف اجتماعي».
الدكتورة سعاد صالح: أؤيد الاجتهاد بشرط أن يكون وسط النساء
وأيدت مفتية النساء الدكتورة سعاد صالح اجتهاد الدكتورة آمنة نصير بشرط أن يكون أذان المرأة للنساء فقط، مثلما كانت تفعل أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- حيث روي عنها أنها كانت تؤذن وتقيم الصلاة للنساء، وتؤمهن وتقوم وسطهن ولا تجهر بصوتها إلا بالقدر الذي تُسمع به غيرها من النساء.
وقالت: ليُرى جمهور الفقهاء عدم جواز قيام المرأة بالأذان للرجال في مساجدهم، بل إن تخصيص مساجد للنساء تقوم فيها المرأة بالأذان عبر مكبرات الصوت، ليسمعها من في الخارج أمر غير مسبوق ويعد بدعة ومخالفًا لما كان عليه العمل في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين حتى اليوم».
وأشارت إلى أن من «رفق الإسلام بالمرأة ومحافظته عليها أن الله أسقط صلاة الجماعة عنها، وجعلها مستحبة وليست سنة. بل إن الله سبحانه لم يوجب عليها الخروج للمسجد، وجعل الأفضل لها أن تصلي في بيتها. ولو رأى الرسول صلى الله عليه وسلم خيرًا في تخصيص مساجد للنساء، أو قيام المرأة بالأذان في مساجد الرجال لأباح ذلك في عهده، لأن النساء لا يجب عليهن أذان ولا إقامة للصلاة.
ولكن إذا أحبت المرأة أن تؤذن لنفسها أو لجماعة من النساء معها فهذا جائز، وشرط ألا ترفع صوتها حتى لا يسمعها الرجال، لأنها إن رفعت صوتها فقد ارتكبت معصية، وإن خفضت فقد تركت سنة الجهر».
الدكتورة عبلة الكحلاوي: مطلوب وضع ضوابط لرفع المرأة الأذان
وتؤكد العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر ببورسعيد الدكتورة عبلة الكحلاوي إطلاق عبارة « صوت المرأة ليس بعورة » دون وضع ضوابط شرعية لذلك هي مقولة حق يراد بها باطل، وعلينا أن ننظر إلى القضية من كل جوانبها دون أن نتعصب للمرأة، حتى لا نخرج عن تعاليم الشرع وخاصة أن الله تعالى جعل الرجال قوامين على النساء، ورتَّب على هذه القوامة بعض الأحكام الشرعية، حيث هناك بعض التكاليف اشترط فيها الذكورة.
ليس هذا انتقاصًا للمرأة وإنما رفع للحرج عنها وحمايتها من أن تفتن بالرجال أو يفتن بها الرجال، ولهذا هناك أحكام انفرد بها الرجال بالتكليف دون النساء والعكس صحيح، حتى لا يختلط الحابل بالنابل كما يقولون».
وأوضحت أن الرسول صلى الله عليه وسلم «لم يجز للمرأة أن تؤذن في مساجد الرجال، ولكن لها أن تؤذن لبنات جنسها في مسجد النساء، ولا شيء في ذلك شرعاً، بدليل أن حديث أم ورقة بنت عبدالله الأنصارية التي كانت تؤم أهل دارها من النساء والمحارم، كان لها مؤذن رجل وكان - حسب بعض الروايات - شيخاً كبيراً وليس امرأة، وقد قال الإمام أحمد بن حنبل: «لا تؤم امرأة رجلاً».