إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله ؛ فلا مضل له، ومن يضلل ؛ فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد لقد بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم في خير القرون واختار له من الاصحاب اكمل الناس عقولا واقومهم دينا واغزرهم علما واشجعهم قلوبا جاهدوا في الله حق جهاده فاقام بهم الدين واظهرهم على جميع العالمين وكان منهم الخلفاء الراشدون الائمه المهديون الذين قاموا بالخلافة بعد نبيهم خير قيام فحافظوا على الدين وساسوا الامه بالعدل والحزم والتمكين فكانت خلافتهم افضل خلافة فيالتاريخ ، وكان أجلهم قدرا واعلاهم فخراً
أبا بكر الصديق وأسمه عبد الله بن عثمان رضي الله عنه فلا طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين خير وأفضل من أبى بكر الصديق رضي الله عنه ولهذا الصحابي الجليل فضائل عديدة ومآثر كثيرة ذكرت في كتاب الله وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم ،
قال سبحانه وتعالي (( وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكي وما لاحد عنده من نعمة تجزي الا ابتغاء وجه ربه الاعلي ولسوف يرضي )) .
قال ابن كثير رحمه الله : ( قد ذكر غير واحد من المفسرين ان هذه الايات نزلت في ابي بكر الصديق رضي الله عنه حتي ان بعضهم حكي الاجماع عن المفسرين على ذلك ولا شك انه داخل فيها واولي الامه لعمومها فان لفظها العموم ولكنه مقدم الامه وسابقهم في جميع هذه الاوصاف وسائر الاوصاف الحميدة فانه كان صديقا تقيا كريما جوادا باذلا لامواله في طاعة الله تعالي ونصرة رسوله الكريم . ( انتهى كلام أبن كثير )
وكذلك قوله تعالي (( الا تنصروه فقد نصره الله اذا اخرجه الذين كفروا ثاني اثنين اذا هما في الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا )) وهذه فضيله لأبي بكر لم ينلها أحد من الصحابة وهي مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في هجرته الي المدينه وعنايته به ، قال أبو بكر رضي الله عنه : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وانا في الغار لو ان احدهم نظر تحت قدميه لا بصرنا فقال صلى الله عليه وسلم
( ما ظنك باثنين الله ثالثهما )
" رواه البخاري "
وابو بكر رضي الله عنه اسبق الصحابه إسلاما قال عمار رضي الله عنه ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معه الا خمسة " عبد " " وامراتان " " وابو بكر " )
وكان ملازما لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة وفي ا لهجرة وفي المدينه حتي توفاعه الله وكان يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما يستطيعه ,,, عن عروةبن الزبير قال سألت عبد الله بن عمرو عن أشد ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت عقبه بن أبي معيط جاء الي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فوضع رداءة في عنقه فخنقه به خنقا شديدا فجاء ابو بكر حتي دفعه عنه فقال ( اتقتلون رجلا ان يقول رب الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم ) رواه البخاري
وقد كان أبو بكر أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي حديث عمرو بن العاص رضي الله أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل فأتيته فقلت أي الناس أحب إليك قال عائشة فقلت من الرجال قال أبوها قلت ثم من قال عن رضي الله عنه بن الخطاب فعد رجالا )) * روا ه البخاري *
وكان رضوان الله عليه أفقه الصحابة و أعلمهم و أعظمهم على الرسول منه في المال والصحبه / ،،، فعن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله جلس على المنبر فقال (( ان عبدا خيره الله بين ان يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاختار ما عنده )) فبكي ابو بكر رضي الله عنه وقال فديناك بآبائنا وأمهاتنا فعجبنا له وقال الناس : انظروا الي هذا الشيخ يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خيره الله بينن ان يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده وهو يقول فديناك بابائنا وامهاتنا . فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخبر وكان ابو بكر هو أعلمنا به وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إن من آمن الناس علىَّ في صحبته وماله ابا بكر ولو كنت متخذا خليلا من امتي لاتخذت ابا بكر ، الا خلة الاسلام ولا يبقي في المسجد خوخة الا خوخة ابي بكر )) * رواه البخاري * وقد شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة وانه يدعي من أبواب الجنة كلها فقد ذكر ر سول الله أبواب الجنة باب الصلاة والجهاد والصدقة والصيام فقال ابو بكر : ما على هذا الذي يدعي من نتلك الابواب من ضرورة وقال هلي يدعي منها احد يارسول الله قال نعم وأرجو أن تكون منهم يا ابا بكر )) * رواه البخاري *
وفي حديث ابي موسي الاشعري لما استأذن أبو بكر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أذن له وبشره بالجنة ) * رواه البخاري *
وعن انس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد أحدا و أبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فقال صلى الله عليه وسلم (أثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان ) * رواه البخاري * وقد خلف أبو بكر بين النبي صلى الله عليه وسلم في أمته بإشارة صريحة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك انه خلفه على الناس في الصلاة والحج وثبت ان امراة جاءت الي النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة فأمرها أن ترجع إليه فقالت : أرايت إن لم أجدك قال ائتي ابا بكر وهم صلى الله عليه وسلم ان يكتب كتابا لابي بكر ثم قال يابي الله والمسلمون الا ابا بكر ومن فضائله وثباته على الحق موافقته للنبي صلى الله عليه وسلم في الشروط في صلح الحديبيه ، وكذلك لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أندهش المسلمون لذلك حتي قام عمرو أنكر موته ولكن أبا بكر رضي الله عنه جاء فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله وقال بأبي أنت و أمي طبت حياً وميتاَ ثم خرج الي الناس فصعد المنبر فخطب الناس بقلب ثابت وقال : الا من كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حيا لا يموت ثم تلا قول الله تعالي "" انك ميت وانهم ميتون "" ( وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على اعقابكم ) وأنفذ جيش أسامة وصمم على قتال اهل الرده
وما نعي الزكاة وقال : ( والله لو منعوني عقالا كانوا يؤتونها رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه )وسار في خلافته في الناس سيرة حميدة وبارك الله في مده خلافته على قلتها فقد كانت سنتين وثلاثة أشهر وتسع ليال ومن بركته وحسناته ان خلف على المسلمين أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعلى جميع الصحابة . قال تعالي (( والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار رضي الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا ذلك الفوز العظيم ))