مزيد من الدراسة
الدكتورة عبلة الكحلاوي عميدة كلية الدراسات الإسلامية في بور سعيد تقول إن الإسلام «ليس ضد المرأة لأنه دين الحرية والكرامة وهو يساوي تماماً بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات وفي الكرامة الإنسانية، ولكن البعض بفكرهم المتطرف يشوهن صورة المرأة في الإسلام، ولهذا أنا مع كل فكرة منصفة للمرأة وليس فيها ظلم للرجل. فالحركة النسوية العربية والإسلامية يجب أن تتحدث بلغة ثقافتها وتستمد منها مشروعيتها والاستفادة مما ورد في مواثيق حقوق الإنسان الدولية بما لا يتعارض مع ثوابت الإسلام، مع اعتزازنا بخصوصيتنا الثقافية. ولهذا فإن اقتسام الثروة التي امتلكها الزوجان أثناء الحياة الزوجية مناصفة عند وقوع الطلاق يجب أن يخضع لمزيد من الدراسة ليس من علماء الدين فحسب بل من مختلف التخصصات التي لها صلة بالموضوع للاستفادة من إيجابياتها وتفادي سلبياتها».
أثارت المطالبات بـ: «اقتسام الثروة بين الزوجين» في حالة الطلاق كما يحدث في الغرب وطبقته بعض الدول العربية مثل تونس والمغرب، خلافات واسعة بين العلماء ورجال الدين في مصر، وانقسمت الآراء ما بين مؤيد ومعارض للاقتراح الذي تسعى جمعيات نسائية حقوقية في مصر إلى صياغته في شكل مشروع قانون. فماذا قال المؤيدون والمعارضون في هذه القضية الحساسة التي تمس كل أسرة؟
الجمعيات الحقوقية عقدت ندوات عدة لشرح مطالبها في «قانون الأسرة المصري» وأشرفت عليها جمعية ملتقى تنمية المرأة بالتعاون مع شبكة منظمات حقوق المرأة التي تضم 41 منظمة نسائية، في إطار مشروع دعم حقوق المرأة في مصر. وجاءت أهم المطالب مشروع قانون يسمح باقتسام الثروة بين الزوجين في حالة الانفصال بزعم أن هذا سيحل كثيراً من مشكلات النفقة ومسكن الزوجية والوصول للشكل الأمثل للمواطنة لأن الزوجة تعمل وتشارك في نفقات الأسرة ومدخراتها طوال سنوات الزواج، وحتى إذا لم تكن عاملة فمشاركتها للزوج طوال مشوار حياته تجعلها شريكاً في ما يكوّنان من ثروة.
المطلب نفسه فجرته «وثيقة حقوق المرأة الأفريقية » خلال المؤتمر الذى عقد مؤخراً في شرم الشيخ بمصر وأثار جدلاً كبيراً في ما يخص أحقية المرأة في اقتسام ثروة زوجها في حالة الطلاق. وقد رأى كثيرون أنه سفينة نجاة للزوجات وضحايا الطلاق والتفكك الأسري، فماذا قال علماء الدين؟
يتعارض مع الإسلام
الدكتور عبد الفتاح إدريس رئيس قسم الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون -جامعة الأزهر عارض الاقتراح قائلاً: «اقتسام الثروة بين المطلقين ليس له سند في أصول الشرع الإسلامي ويعد أمراً مخالفاً للشريعة الإسلامية لأن الزوج يكون له ذمة مالية منفصلة وكذلك الزوجة، ولو جاز أقتسام الأموال بينهما فإن الزوج يكون له الحق أيضاً في ثروة زوجته لأن مناط ملكية هذه الثروة هو ذمة كل طرف. وحتى ولو كانت المرأة هى أساس الثروة والمساهمة الأساسية فيها فلا يحق لها إلا أموال النفقة، واقتسام المطلقة الثروة مع زوجها أمر ليس له مستند من نصوص الشرع وذلك لأن الإسلام أقر بالملكية الخاصة وجعل لكل إنسان ذمة مالية مستقلة عن الآخر، فإذا ثبت للزوجة ذمة مالية مستقلة عن ذمة زوجها فليس لهذا الزوج أن يقاسمها حقوقها التي تمتلكها بمقتضى هذه الذمة. وعلى فرض أن الزوجة ساعدت الزوج في اكتساب هذه الثروة فإنها لا تستحق منها إلا ما أوجبه الشرع وهو الإنفاق عليها ولم يوجب لها على زوجها أكثر من ذلك».
تطوير القوانين
وعن مدى قانونية هذا الاقتراح قالت المحامية منى ذو الفقار الناشطة في مجال المرأة وحقوق الإنسان: «لا بد من تطوير القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية ليس في مصرفقط بل في مختلف دول العالم الإسلامي حتى تتناسب مع ظروف المجتمع واحتياجاته في العصر الحالي وضمان حصول كل فرد في الأسرة على حقوقه العادلة في ظل نظام قضائي يتميز بالكفاءة والحسم والسرعة حتى يعطي المرأة حقوقها العادلة التي أقرتها مبادئ الشريعة الإسلامية في القرآن الكريم والسنة الثابتة، وهي لا تتعارض إطلاقاً مع المواثيق الدولية. لحقوق الإنسان بل إن مبادئ الشريعة الإسلامية كانت أسبق في إقرار حقوق الإنسان عن تلك المواثيق الدولية وأنا من أشد المؤيدين لهذا المطلب العادل».