هل من حق المرأة طلب الطلاق إذا كان زوجها بديناً؟! هذا هو السؤال الذي أجاب عنه الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى في الأزهر في القاهرة، وأثارت إجابته جدلاً ساخناً بين العلماء. الشيخ الأطرش أجاز للزوجة طلب الطلاق إذا بلغ الزوج من البدانة ما يحول دون إتمام العلاقة الزوجية. فهل وافقه العلماء؟ وما حدود البدانة ومن له حق الحكم بأن الشخص بدين أم غير بدين؟ وماذا يقول علماء التغذية؟
عن الأدلة الشرعية التي استند إليها الشيخ الأطرش في فتواه قال: «الإسلام يرفض الضرر ويدعو إلى قيام الحياة الزوجية على الحب والتوافق. أما إذا تضرر أحد الزوجين من الآخر وأدى هذا الضرر إلى الوقوع في مخالفة شرعية أكبر فلابد من إزالة الضرر لأن القاعدة الشرعية أرساها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «لا ضرر ولا ضرار». ولاشك أن عدم قدرة الزوج على القيام بالمعاشرة الزوجية فيه ضرر بالغ بالزوجة، وقد يدفعها هذا إلى الانحراف إذا أجبرناها على العيش معه وهي لاتنال حقها الشرعي في المعاشرة نتيجة السمنة الشديدة التي أثرت سلباً على قيام الزوج بواجباته. والقاعدة الشرعية أنه يتم دفع الضرر الأخف وهو تطليق الزوجة حتى لا نقع في الضرر الأكبر وهو خيانتها له اذا بقيت معه وحُرمت حقوقها الشرعية في المعاشرة الزوجية».
ضوابط شرعية
يؤكد الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس اللجنة الدينية في مجلس الشعب المصري والرئيس السابق لجامعة الأزهر أن البدانة وحدها لا تعتبر من العيوب التي تستدعي الطلاق من الناحية الشرعية إلا إذا كان الرجل عنيناً، أي يعاني عدم القدرة على المعاشرة الزوجية، لديه أمراض أخرى تمنعه من القيام بواجباته الزوجية. أما إذا كان بديناً ويؤدي واجباته فلا يجوز للزوجة أن تطلب الطلاق لبدانته خاصة إذا كانت قد مرت سنوات طويلة على الزواج وأصبح الزوج مع تقدمه في العمر سميناً أكثر مما كان في بداية الزواج، وهذا قد يكون أمراً طبيعياً. فلا يجوز أن تطلب الطلاق وإلا سنفتح باباً كبيراً للانهيار الأسري.
ويرى هاشم أنه إذا «كان هناك تعذر في المعاشرة الزوجية بسبب هذه السمنة، فأنصح بإحالة الزوج البدين على الطبيب للتأكد من حالته ومعرفة هل يعاني من ضعف جنسي أم لا. وبناء على التقرير الطبي يصدر القاضي حكمه النهائي في القضية بالطلاق للضرر أو الخلع أو استمرار الحياة الزوجية، مع التأكيد الدائم على أن الإسلام يحارب أسباب الطلاق التي قد تختلف حسب الزمان والمكان. والفقهاء حددوا أسباباً للطلاق منها العجز الجنسي، وبالتالي فالبدانة ليست سبباً للطلاق إلا إذا تحولت الى مرض يمنع إتمام العلاقة الزوجية».
التمهّل أفضل
مفتية النساء الدكتورة سعاد صالح العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر تنصح الزوجات بأن يكنّ أكثر حرصاً على بقاء الحياة الزوجية ما استطعن إلى ذلك سبيلاً، وألا يتخذن من أمور كالسمنة مبرراً لهدم بيوتهن وتشريد أولادهن. وإذا استطاعت الزوجة الصبر على العيش مع زوجها ولم تخش الفتنة خاصة إذا كانت قد تزوجته وهو سمين، ففي هذه الحالة لا يحق لها طلب الطلاق لأنها ارتضت به وقبلته زوجاً وهو على هذا الشكل، ولكن لها حق طلب الخلع وأن ترد لزوجها ما سبق أن دفعه لها عند الزواج منها خاصة المهر. والأمر في هذه الحالات يعود الى القاضي، فإذا كان الضرر على الزوجة كبيراً ولايحتمل أو لا يطاق وتتعذر معه العلاقة الزوجية، فله أن يحكم بطلاقها للضرر».